– الأسبوع اللي فات قوات أمنية قبضت على 3 من أقارب الناشط الحقوقي محمد سلطان، وداهمت بيوت 3 آخرين، وده بعد أثفترة قصيرة من الإفراج عن 5 من الـ 6 دول.
– ويوم الجمعة، 22 منظمة حقوقية أصدروا بيان مشترك، قالوا فيه إن استهداف عائلات النشطاء أو الحقوقيين المقيمين في الخارج أصبح نمط واضح للسلطات المصرية.
– المنظمات دي وثقت 7 حالات حصلت فقط في الفترة من أغسطس 2020 حتى الآن، من بينهم أسرة الباحث تقادم الخطيب، وطالب دراسات عليا اسمه علي حسين مهدي بيعمل فيديوهات من أمريكا.
مع تكرار الاستهدافات دي لحد ما بقت نمط تعامل، هنناقش مع بعض هل دا شيء قانوني أصلا؟ وإزاي إن دا مش حل أبدا لمشاكلنا، وتأثير خطوات زي دي على المجتمع وكمان على الصورة في الخارج.
******
إيه اللي بيحصل لأسرة محمد سلطان؟
– في شهر يونيو اللي فات، سلطان اللي بيحمل الجنسية الأمريكية رفع قضية في أمريكا ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، باعتباره هوا كمان مقيم في أمريكا بحكم شغله في صندوق النقد الدولي، اتهمه فيها بالمسؤولية عن تعذيبه والانتهاكات اللي حصلت في حقه لما كان في السجن.
– سلطان كان قضى حوالي سنتين في السجن في مصر على ذمة قضية “غرفة عمليات رابعة” وعلى خلفية إنه نجل صلاح سلطان عضو جماعة الإخوان المسجون أيضا، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أضرب عن الطعام واضطر يتنازل عن الجنسية المصرية عشان يخرج، وفقا لقانون أقر وقتها، بيسمح بترحيل المحبوسين الأجانب.
– بعد القضية اللي رفعها سلطان على الببلاوي، الحكومة قبضت مباشرة على 5 من أبناء عمه، ونقلت والده من سجن العقرب لمكان غير معلوم حتى الآن، لكن مع الإعلان عن فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، في شهر نوفمبر تم الافراج عن الأقارب الخمسة، وكانت خطوة جيدة في الطريق الصحيح.
– في خطوة غريبة أعادت الشرطة في مصر القبض على 3 من أبناء عم سلطان الخمسة اللي كان مقبوض عليهم، وبتلاحق الباقيين، وطلبت من قريب آخر لسلطان (رجله مكسورة) تسليم نفسه أول ما يفك الجبس.
– جهات عديدة تفاعلت مع اللي حصل، على رأسها وزارة الخارجية الأمريكية، اللي قالت إنها على اتصال بالخارجية المصرية بشأن الأمر، وأعربت عن قلقها من وضع حقوق الإنسان في مصر. وفي نفس اليوم أفرجت مصر تاني عن 2 من الـ 3 اللي احتجزتهم.
– مبادرة الحرية اللي رئيسها محمد سلطان، بتقول إن اللي بيحصل لأقاربه محاولة لترهيبه وإسكاته، وإن اللي بيحصل هو رد فعل انتقامي.
– وحسب بيان الـ 22 منظمة حقوقية، أفراد تابعين للسلطات المصرية تعرضوا لسلطان في أحد المراكز التجارية في واشنطن، وهددوه وقالو له إنه لازم “يخلي باله” عشان مصلحة والده المسجون.
******
إزاي ترهيب أسر المعارضين بقى سياسة أمنية؟
بيان المنظمات رصد 6 حالات أخرى، للتضييق على أسر المعارضين خلال آخر 6 شهور، ودول مثال على غيرهم كتير:
– الباحث الأكاديمي تقادم الخطيب اللي عايش في ألمانيا ويعمل هناك، قال إن 8 عناصر أمنية كانوا لابسين ملابس مدنية، فتشو منزل أسرته في الأقصر، واستجوبوا والديه عن النشاط الأكاديمي لابنهم، وصادروا موبايلاتهم وعدة وثائق من المنزل.
– أيضا قوات الأمن داهمت عناصر من منازل أقارب الشاب على حسين مهدي وقامو بتخريبها وأخذ بعض محتوياتها، واعتقلوا والده وعمه ابن عمه، وأخفتهم قسريا من حوالي 3 أسابيع، على خلفية نشره لفيديوهات بيعبر فيها عن معارضته لسياسات النظام.
– أواخر شهر يناير، الشرطة داهمت منزل أسرة صحفي وباحث مقيم في الولايات المتحدة بعد مشاركته في فعالية عن طريق الانترنت للاحتفال بذكرى الثورة، وصادروا بطاقة والده وموبايله، وطلبوا منه الحضور لمقر الأمن الوطني في محافظته. بعدها بأسبوعين داهموا البيت مرة تانية أثناء غياب الأسرة.
– أيضا قبض على 9 أفراد من أسرة شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “لجنة حماية الصحفيين” المقيم في واشنطن. تم بعدها إطلاق سراح 8 منهم وقالوا انه تم استجوابهم بشأن أنشطة شريف وكمان بشأن والده، الدكتور أحمد صبحي منصور، أستاذ التاريخ المقيم في أمريكا، رغم انه ملوش أي نشاط سياسي معارض وشهرته جت من نشاطه الفكري بتيار “القرآنيين”. ده غير القبض على أقارب للممثل هشام عبد الله المقيم في تركيا، والناشطة منى الشاذلي المقيمة في بريطانيا.
بخلاف الحالات اللي ذكرها البيان، فسياسة ترهيب المعارضين في الخارج والضغط عليهم بأسرهم تكررت كتير خلال السنوات الأخيرة.
– على سبيل المثال، طبيب الأسنان حازم غنيم قضي 3 أشهر في السجن لمجرد إنه أخو وائل غنيم، اللي نشر فيديوهات هاجم فيها بعض المسؤولين وقتها، قبل ما يتم الافراج عن حازم، بعد ما وائل قرر لا يصعد القضية بالإعلام الخارجي ويعتذر عن الفيديوهات.
– علا القرضاوي وزوجها حسام خلف محبوسين من شهر يونيو 2017 دون سبب واضح، ولمجرد إن دي بنت الشيخ يوسف القرضاوي.
– الأمر بيوصل لحد الموت داخل السجن في ظروف صحية سيئة، زي ما حصل مع الطبيب النفسي الدكتور عمرو أبو خليل، شقيق هيثم أبو خليل المذيع في قناة الشرق. اللي توفي في سبتمبر 2020 بعد ما قضى 11 شهر سجين دون محاكمة.
– ده كمان بيحصل في بعض الأوقات مع أقارب معارضين عايشين جوا مصر، زي مصطفى ماهر أخو أحمد ماهر منسق حركة 6 أبريل سابقا، وعمر مجدي شندي ابن رئيس تحرير جريدة المشهد، مجدي شندي، اللي اتحبس عدة أيام لما قوة من الشرطة راحوا البيت للقبض على والده أثناء غيابه عن البيت، بعد صدور جريدة المشهد بعدد يتناول فيديوهات محمد علي.
*****
– الدستور المصري بيقول إن: “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم”.
– وبيقول في مادة مهمة أخرى إن “العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي”.
– لكن للأسف الممارسات دي مستمرة بشكل غير قانوني، وساعات لأسباب بره السياسة خالص زي ضد جنائيين في الصعيد بالذات لإجبارهم يسلموا نفسهم، أو بدواعي محاربة الإرهاب، لكن كانت دايما بتتم في الخفاء، بينما حالياً وصلنا لمرحلة انها تحصل علنا قدام الدنيا كلها، لدرجة إن الخارجية الأمريكية تطلع وتعلق عليه.
– خلينا نقول إن ممكن الدولة تختلف مع وجهات نظر المعارضين دول أو وسائلهم أو أي شيء، أو حتى لو فعلا ارتكب حد منهم جريمة، بس إقحام الأسر والأهل في الخلاف السياسي بدون أي سند قانوني دا شيء يفترض تجاوزه الزمن، ولو فيه أي نية لبناء دولة حديثة هتتخلى أكيد عن الممارسات دي.
*****
– من وقت وصول جو بايدن للحكم في أمريكا، واللي معروف عنه اهتمامه بملف حقوق الإنسان، بنسمع كل يوم كلام حلو من إعلام السلطة على لسان عمرو أديب مثلا، بيطالب من المعارضين يجوا يعارضوا من الداخل.
– أيضا الحكومة تعاقد مع شركة علاقات عامة في أمريكا وبتدفعها عشرات آلاف الدولارات شهريا، لتحسين صورتها أمام الإدارة الأمريكية الجديدة.
– ومن حوالي أسبوع، الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا، اللي مش بيقبل أبدا أي رأي معارض، اتكلم عن حاجة مصر لمعارضة “هادفة”.
– لكن رغم ده، واضح إن دا ملوش صدى على أرض الواقع، جوهر سياسة النظام هي نفسها القائمة على تحكم الأجهزة الأمنية وترهيب أي معارضة وتهديدها بأسرها.
– وبالرغم من إن حازم الببلاوي (اللي اتقبض على أقارب محمد سلطان بسبب مقاضاته) غادر أمريكا خلاص، وحتى لو اتحكم عليه بالإدانة فغالبا هيكون الحكم إلزامه بتعويض مادي فقط (وفقا لخبراء قانونيين)، إلا إن صانع القرار المصري ماعندوش مشكلة يرتكب نفس الخطأ وينتهك حقوق المزيد من الأشخاص، مهما كان التمن من حق مواطنيه أولا ومن السمعة الدولية ثانيا.
– أفعال زي دي بتوجه رسائل في غاية السوء للداخل والخارج، ومش هيفرق فيها صرف ملايين على تحسين صورة النظام، وهي ممارسات الأخطر على “هيبة مؤسسات الدولة”، وبتخلي الكل يفقد ثقته في القانون والعدالة، لما الدولة بكامل قوتها تتحول للانتقام من مواطنين بسبب قرابتهم لمعارض في الخارج أو الداخل.
*****