– من يومين الجريدة الرسمية نشرت أسماء 135 سجين خرجوا في عفو رئاسي قبل أسبوعين.
– بالتأكيد خطوة إيجابية جدا وتستحق الشكر مراجعة ملفات السجناء خاصة بالقضايا السياسية، لكن كمان خرج المرادي ١٥ من أفراد الشرطة المدانين بالتعذيب والقتل.
مهم نسأل مين اللي خرجوا؟ وليه ناس ارتكبت جرايم قتل تطلع في عفو رئاسي؟ وإيه الرسالة؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
– غالبية اللي خرجوا هما أشخاص صدرت عليهم أحكام نهائية بقضايا سياسية بعد عزل الرئيس الأسبق مرسي 2013 زي قضايا “أحدث العدوة”، “بنات دمياط”، “الهجوم على قسم شرطة أبوقرقاص”.
– 35 من الأسماء الواردة كانت صادرة عليهم أحكام عسكرية.
– كان فيه برضه ظهور لقضايا أقدم زي “أحداث مجلس الوزراء” 2011.
– أحد الأسماء المعروفة اللي خرجت كان رامي السيد، عضو حركة 6 أبريل، اللي كان محكوم عليه بالسجن المشدد 10 سنوات ومسجون من 2014 في قضية “معتقلي العزاء” اللي هما شباب راحو يعزوا في سيد وزة اللي اتقتل بمظاهرات في ذكرى الثورة 2014.
– ضمن اللي خرجوا برضه 7 ظباط و 8 أمناء شرطة في 4 قضايا.
إيه هيا القضايا اللي خرج فيها ظباط وأمناء الشرطة؟
– كلها يجمعها انها أحكام نهائية صادرة في قضايا قتل لمواطنين، وكل الضحايا ناس عادية جدا ملهاش أي علاقة بالسياسة!
1- قضية تعذيب أحمد السيد العجمي، حدائق القبة 2018.
– الظباط عذبوه حتى الموت، لإجباره على الاعتراف في قضية سرقة عادية.
– حسب نص اتهام النيابة ان الاحتجاز كان غير قانوني لإن القبض كان بدون إذن نيابة، وبدون تقييد اسمه بدفاتر القسم، و”طرحوه أرضا وشدّوا وِثاق يديه خلف جسده وانهالوا عليه ركلا بالأقدام وضربا بالعصا وصعقا بالكهرباء في مواضع مختلفة من جسده وأماكن حساسة”.
– القضية تشمل ضحية تاني اتصاب ومماتش، وقوة القسم حاولت التستر وانكروا انهم أصلا قبضوا على الاتنين، لكن النيابة فرغت الكاميرات ولقت الأدلة.
– المحاكمة أخدت وقت طويل لان المحكمة “أستشعرت الحرج”، واتغيرت الدايرة، وفي النهاية في مارس 2019 صدر حكم بالسجن 8 سنوات على الرائد تامر صابر فراج، رئيس مباحث قسم حدائق القبة، والسجن 7 سنوات ل 4 أمناء اللي هما محمد جمعة، أسامة شوقي، ثابت محمد، محمد عبدالحليم.
2- قضية تعذيب سائق التوكتوك، سوهاج، 2016.
– نفس القصة تقريبا، حصلت جريمة قتل في قرية قرب مركز طهطا، الشرطة قبضت على سواق توكتوك اسمه محمد صالح، وعذبوه عشان يعترف لحد ما مات!
– في الواقعة دي اتعمل بالمستشفى تقرير مضروب بمساعدة مفتش الصحة بإنه مات نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية، بعد احتجاج الأهالي تم إعادة النظر في تقرير الطب الشرعي وثبت أنه مزور.
– في فبراير 2019 اتحكم بالسجن 3 سنوات على 3 ظباط، وكمان حكمت بالسجن سنة على مفتش الصحة وابعاده سنتين عن عمله بتهمة التزوير.
– الحكم بالسجن 3 سنين هو الحد الأدنى للعقوبة في جرائم التعذيب، بحسب المادة 126 من قانون العقوبات، لكن المادة بتقول بالنص “وإذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً “.
– معنى كدا أنه المحكمة قررت أنها تدي المتهمين الحد الأدنى من العقوبة رغم انه تعذيب وصل للقتل! شرحنا سابقا الثغرات القانونية اللي بيها بتبقى التهمة مش “تعذيب أفضى إلى الموت” لكن “ضرب أفضى إلى موت”، وشرحنا ده ممكن يتصلح ازاي.
– مش بس كده، لأ كمان بعد أقل من سنة يتم الإفراج عنهم بعفو رئاسي.
– الضباط اللي تم الإفراج عنهم هما الرائد المزمل نافع، رئيس مباحث قسم طهطا، والنقيب عمر أحمد سعد أبوعقرب معاون مباحث القسم، ونحب هنا نقول إن الظابط ده هوا ابن نائب البرلمان السابق عن الحزب الوطني (2005-2010)، أحمد سعد أبوعقرب، اللي كان برضه عميد شرطة، وكان أمين حزب مستقبل وطن في محافظة أسيوط لحد وفاته عام 2016.
3- قضية قتل طالب، روض الفرج، 2014.
– نقيب الشرطة مازن جمال الدين أطلق النار في محاولة لفض خناقة، فقتل الطالب محمد حسن رفاعي برصاصة في صدره وأصاب زميله علي سمير.
– اتحكم عليه بالسجن 10 سنوات، وتم تخفيضها في النقض في مارس الماضي إلى 6 سنوات.
4- قضية تعذيب محاسب، الجيزة، 2012.
– حصلت خناقة في الشارع ولما الشرطة جت اللي بيتخانقوا كانوا هربوا، فعشوائيا دخلوا بيت في المنطقة وقبضوا على أول شاب شافوه هوا المحاسب سعد سعيد ورغم ان عيلته كلها قالتلهم انه في البيت وملوش علاقة سحلوه وضربوه قدام الأهالي، وكملوا تعذيبه في القسم حتى الموت!
– جنايات الجيزة حكمت بالسجن 5 سنوات على النقيب هشام عبدالجواد، معاون مباحث قسم الجيزة، والمقدم ياسر فاروق، نائب مأمور القسم، و 4 أمناء شرطة.
– المفروض إن آلية لجنة العفو الرئاسي لما بدأت في 2016 كانت مقترح إيجابي عشان الافراج عن الشباب المحبوسين بالقضايا السياسية، وكان الشرط الرئيسي للعفو ده من كلام اللجنة وكلام الرئيس السيسي شخصيا هو إن الأشخاص دول ميكونوش متورطين في أحداث عنف أو قتل.
– لكن مع الوقت بدأت الآلية دي تاخد منحى تاني، وشفنا شخصيات تانية، زي العفو عن صبري نخنوخ، واللي هو أحد أشهر زعماء البلطجة في مصر، وكان محكوم عليه بالمؤبد بتهم حيازة أسلحة ومخدرات، وشفناه علنا مشارك في احتفال ستاد القاهرة الأخير اللي اتعمل تحت اسم ” اتحاد القبائل العربية” بمناسبة عيد الشرطة.
– كمان خرج في عفو سابق مجدي طبيخة رجل الأعمال بعد شهر واحد من حبسه في قضية قتل، واتقال وقتها إشاعة إنه دفع رشوة لأحد المسؤولين عشان يخرج في قوائم العفو، وطبعا الاشاعة غير المؤكدة دي بتورينا اد ايه الناس مستغربة وبتدور على أي تفسير.
– كمان هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال خرج من السجن بعفو رئاسي رغم إنه كان متهم في قضية قتل عمد الفنانة سوزان تميم!
ايه الرسالة من الإفراج عن ظباط وأمناء شرطة قتلوا مواطنين؟
– أخطر رسالة هيا ان الشرطة ناس فوق الحساب، حتى لو قتلو مواطنين مش بس في المظاهرات، لا ده أي قتل حتى بقضايا عادية جدا زي اللي حكينا عنها، بالكتير عدد قليل منهم هياخد حكم مخفف في القضاء بعد كل محاولات إخفاء الأدلة، وبعدها الرئيس بنفسه هيخرجكوا!
– الرسالة كمان للشرطة هيا ان كل ظابط واجبه الأول مش يحمي المواطنين ده بيحمي الرئيس شخصيا وبيحمي سلطته زي ما هوا بيحميهم، وبالتأكيد ساعتها منتوقعش حياد الشرطة في الانتخابات مثلا أو غيرها من المهام اللي بتتطلب الحياد التام.
– المفروض ان الأسماء بتتبعت من الأهالي للجنة العفو الرئاسي أو للمجلس القومي لحقوق الإنسان قسم الشكاوى، ومفروض ان اللجنة بتقيمها.
– بحسب تصريحات مختلفة من أعضاء في اللجنة زي طارق الخولي عضو مجلس النواب، ومحمد عبدالعزيز أحد مؤسسي تمرد وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه معايير العفو أنه المسجونين ميكونش ليهم سابقة في أعمال العنف.
– ده يخلينا نسأل ايه المعايير؟ هل اللجنة فعلا بتحط الأسماء؟ ولا اللي بيحصل فعلياً إنه اللجنة دي مجرد واجهة وإن موضوع العفو المتحكم فيه هي الأجهزة الأمنية بشكل كامل.
– دي بالتأكيد مش دعوة لإلغاء العفو الرئاسي لأن في النهاية فعلا مظلومين كتير استفادوا، وبنشكر كل من له دور في ذلك، لكن برضه مش معنى كده إنه بحجة العفو تخرج الأسامي التانية.
– كمان لازم يبقى فيه آلية للمسجونين ظلم بالحبس الاحتياطي، ده تحول مؤخرا للأداة الرئيسية لسجن السياسيين بدل المحاكمات، بينما العفو الرئاسي بيصدر للأحكام النهائية فقط. أسامي كتير محبوسين من شهور وسنين احتياطيا زي الدكتور حسن نافعة، الدكتور حازم حسني، الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، محمد القصاص، زياد العليمي، حسام مؤنس، عمر الشنيطي، ماهينور المصري، وغيرهم كتير.
– الظباط والأمنا دول مش بس خرجوا، دول هيرجعوا شغلهم عادي جدا ويتعاملوا مع المواطنين .. هل القتلة والمجرمين دول أقل خطورة على المجتمع من ناس لاتملك غير آرائها اللي بتقولها في السوشيال ميديا أو بمقرات أحزاب قانونية؟
****
– مفيش أي جريدة أو قناة عرفت المصريين بمعلومات القضايا، وده بقى نمط دائم للأسف.
– الغرض من وجود القانون والمحاكم والعدالة والدولة أصلاً هو إن المواطنين يحكمهم قواعد واضحة متساوية، مفيش فرق بين عسكري ومدني أو بين غني وفقير قدام القانون، لكن لما يبقى المواطن حياته كلها متسواش حبس ظابط، وإنه ده يحصل بقرار مباشر من رئيس الجمهورية فده معناه رسالة عكس كده، ومطلوب ان الرئيس السيسي شخصيا يوضح للشعب أسباب قراره.
– العدالة بين المواطنين هيا اللي بيتخلق الاستقرار في المجتمعات، لكن إهدار القانون هو اللي بيخلق العداوات وبيهدد استقرار المجتمعات، وبيساهم في نشر فكرة “حقي بدراعي” وتزيد جرايم العنف والاعتداء، ده لصالح كل المصريين.