– النهارده كان في مظاهرات حاشدة في السودان دعا ليها تجمع المهنيين السودانيين لدعم “التحول الديمقراطي” وتسليم السلطة للمدنيين.
– المظاهرات الحاشدة الداعمة للحكم المدني مكانتش فقط في العاصمة الخرطوم، لكن وصلت بورسودان وعطبرة والأبيض ومدني وكوستي، في شمال وجنوب ووسط السودان.
– المظاهرات في الفترة دي جاية نتيجة تصاعد الخلاف والصراع بين المكون المدني والعسكري في المجلس السيادي السوداني، واللي زادت بعد محاولة الانقلاب الأخيرة اللي حصلت في 21 سبتمبر اللي فات، ومن بعدها بدأت الصراعات تظهر أكتر للعلن، خاصة مع بقاء شهر على انتقال رئاسة المجلس السيادي في السودان للمكون المدني بحسب الاتفاق اللي تم توقيعه بين جميع الأطراف بعد مفاوضات دعمها أطراف دولية عديدة.
– جوهر الصراعات دي هو تشجيع العسكريين على عملية إقصاء المدنيين من الحكومة، وتحميلهم مسؤولية تأخر وضع البلاد الاقتصادي، من ارتفاع التضخم بنسبة 400% والإجراءات التقشفية اللي عملتها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد، بالإضافة لتحميل المدنيين أزمة نقص القمح – رغم الأزمة العالمية في سعره – بالإضافة لانتقاد المدنيين على غياب الأمن وحدوث أزمات زي توقف العمل بميناء بورسودان الاستراتيجي، رغم إن الأمن تحت سيطرة العسكريين.
– عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي اتكلم علنًا في هجوم واضح على المدنيين وكيانات كانت جزء من الثورة السودانية، وقال إنهم بيشككوا في وطنية الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وإنهم عاوزين يقصوا العسكريين من الحكم.
– بينما الواقع مختلف تماماً بشهادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك -واللي هو راجل اقتصاد تكنوقراط تم تعيينه بالتوافق ما بين المدنيين والعسكريين- واللي قال إنه المدنيين مبيحاولوش إطلاقًا يقصوا العسكريين زي ما يتم الترويج، وإنه بيدعوا جميع الأطراف لتجنب التصعيد، خاصة المظاهرات اللي بتطالب بإسقاط الحكومة المدنية واللي اتحولت لاعتصام في محيط القصر الجمهوري، واللي واضح تمامًا إنها مدعومة من أجنحة داخل المكون العسكري وبقايا نظام عمر البشير، ومجموعة منشقة من قوى الحرية والتغيير السودانية.
– قيادات حزبية مدنية بتقول إن اتهامات القيادات العسكرية للقوى السياسية المدنية بـ”تمهد لانقلاب” قبل تسليم قيادة مجلس السيادة من المكون العسكري إلى المدني، في نوفمبر اللي جاي.
*****
ايه مطالب التظاهرات المحددة؟
– “تجمع المهنيين السودانيين”، قائد الحراك الاحتجاجي، بيناشد جميع القوى والقطاعات للمشاركة في المظاهرات وحدد 13 مطلبا لإنجاز مهام الثورة.
– أهم المطالب دي وهي “إسقاط الشراكة مع العسكريين، وضع السلطة بيد قوى الثورة، ورفض الانقلابات، وتصفية النظام البائد، وتحقيق السلام الشامل، وتكوين المجلس التشريعي من قوى الثورة، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وإجازة قانون موحد للنقابات”.
– ومن مطالب التظاهرات المحددة كمان “تكوين جيش موحد، وإصلاح المؤسسة العسكرية بإشراف المدنيين، وأيلولة الشركات المملوكة للأجهزة الأمنية والعسكرية إلى وزارة المالية، وتصفية سيطرة الطفيلية (في إشارة للسماسرة وتجار العملة والقطاعات غير المنتجة) على الاقتصاد، وتقديم مرتكبي مجزرة الاعتصام (أمام مقر القيادة العامة للجيش بالخرطوم) للعدالة”.
– وكان من العلامات المميزة النهاردة تقدم تظاهرات الخرطوم رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، وعدد من الوزراء، من أبرزهم وزيرا شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، والنقل ميرغني موسى.
– رئيس الوزراء حمدوك وصف الصراع الحالي بأنه ليس بين العسكريين والمدنيين ولكن بين أولئك الذين يؤمنون بالانتقال نحو الديمقراطية والقيادة المدنية ومن لا يؤمنون بذلك.
– وكمان قال تصريح مهم جداً “هو صراع لست محايدا فيه أو وسيطا.. موقفي بوضوح وصرامة، هو الانحياز الكامل للانتقال المدني الديمقراطي”.
– ومع ذلك، قال إنه تحدث إلى كلا الجانبين وقدم لهما خارطة طريق دعت إلى إنهاء التصعيد واتخاذ القرارات الأحادية والعودة إلى حكومة فاعلة، لكن التصعيد للأسف مستمر.
– بشكل عام الوضع في السودان رسميًا هو استمرار الوثيقة الدستورية والاتفاق اللي حصل بين قوى الحرية والتغيير مع الجيش السوداني، الاتفاق ده بيتضمن فترة انتقالية لمدة 53 شهر تنتهي بنهاية سنة 2023، عبر انتقال كامل للسلطة بانتخابات رئاسية وبرلمانية.
– وبرغم من إنه الاتفاق اللي وصلت له السودان بعد الإطاحة بالبشير، بمكوناتها المدنية والعسكرية تم بمشاركة ودعم دولي وإقليمي للمفاوضات، لكن في قلق كبير من مخاطر فشل التحول الديمقراطي وانهيار السودان بشكل كامل، بسبب تدخل كتير من الأطراف العربية بالمال وشراء الولاءات داخل السودان، وبسبب تسليح عدة أحزاب سياسية، وبسبب كلام عن رغبة قادة الجيش السوداني في استعادة الحكم بشكل مطلق وإنهاء المرحلة دي.
– وللسبب ده ممكن نكون شايفين انفتاح من الجيش السوداني وقائده عبدالفتاح البرهان، على التطبيع مع إسرائيل وكسب ود أمريكا والاتحاد الأوروبي، وعمل علاقات بناءة مع روسيا ونقاشات لإنشاء قاعدة عسكرية، وفي نفس الدخول في تحالفات إقليمية، وعدم تبني خطاب معادي لأثيوبيا وقضية سد النهضة، وهي خطوات يمكن قراءتها لأسباب متعلقة بمحاولات تجنب الرفض الإقليمي أو من المجتمع الدولي لو نجح في إنه يستحوذ على السلطة.
– على الناحية التانية المكون المدني طبعًا ليه اتصالات دولية ناجحة بخطاب سياسي قدر يعبر عن الثورة السودانية ويكسب ثقة المجتمع الدولي ودعمهم في الوصول لاتفاق مع الجيش في بداية العملية الانتقالية، لكن في مخاطر كتير بتواجه السودان نتيجة موجة التحريض داخل الجيش والأجهزة الأمنية في السودان على القيام بعملية انقلاب وإنهاء المرحلة، وده طبعًا مدعوم من عدة أطراف.
– دا بجانب فكرة الخلافات الداخلية الشديدة بين التيارات المدنية، وظهورنبرة إقصائية بينها وبين بعضها في وقت ما، ودا شيء بيستغله المكون العسكري في تشويه صورة المدنيين، دا بجانب فعلا بعض إخفاقات طبيعية في مراحل الانتقال الديمقراطي لكن بيتم تضخيمها.
– وسط كل ده الشعب السوداني النهارده عبر بمظاهراته الحاشدة عن رغبته في الانتقال لحكم مدني حقيقي وإنهاء الحكم العسكري اللي بيحكم البلد من عدة عقود، ومجابش معاه غير الديكتاتورية والقمع باسم الدين وتخلف البلد وتراجع وضعها الاقتصادي وانهيار الخدمات فيها.
– كل دعواتنا وتمنياتنا لأشقائنا السودانيين بالنجاة من سيناريو الانقلاب، ونجاح التجربة الديمقراطية، وإنهم يقدروا يوصلوا لحلول وسط في إدارة العملية الانتقالية.