– في محاكمة أقل ما يقال عنها أنها تاريخية اتحكم على ضابط المخابرات السوري السابق أنور رسلان بالسجن مدى الحياة، ودي أقصى عقوبة في ألمانيا لأن معندهمش عقوبة إعدام.
– ووفقاً للقانون الألماني من الممكن إطلاق سراحه بعد 15 عاماً لكن في بعض الحالات ينفذ حكم السجن المؤبد كاملاً.
– الحكم كان تاريخي لأنه دي أول قضية كبيرة يتحكم فيها مرتبطة بفظائع وجرائم نظام بشار الأسد، وكمان لأنه القضية كانت محط اهتمام من الجالية السورية في المهجر، ولأنه أنور رسلان كان ضابط مهم في المخابرات السورية قبل ما ينشق عن النظام في 2012 ويلجأ لألمانيا.
– ايه هي القضية؟ ومين هو الضابط السابق أنور رسلان؟ وممكن نشوف ايه في القضايا اللي زي دي؟
****
ايه هي القضية؟
– أنور رسلان كان ضابط في المخابرات السورية لحد 2012، وفي 2011 مع اندلاع الثورة السورية كان رئيس شعبة التحقيقات في الفرع 251 من جهاز أمن الدولة وهو الجهاز اللي كان مسئول عن اعتقال وتعذيب المعارضين لنظام بشار الأسد.
– خلال الفترة من انطلاق الثورة السورية في مارس 2011 وحتى هروب أنور رسلان للأردن في 2012 ساهم أنور في تعذيب آلاف المعتقلين في سجن تابع للنظام السوري.
– بحسب حكم المحكمة الألمانية تم إدانة أنور بتهم التسبب في قتل 58 شخصاً واغتصاب آخرين وتعذيب نحو أربعة آلاف معتقل في السجن التابع لقسم التحقيقات-الفرع 251 والمعروف باسم (أمن الدولة – فرع الخطيب).
– دفاع أنور قال أنه انشق عن النظام وحاول ألا يشترك في التعذيب الممنهج اللي بيعمله النظام، لكن الحقيقة اللي أثبتتها التحقيقات أنه أنور لم يحاول حتى إخفاء هويته بعد اللجوء لألمانيا في 2015 بل طالب الشرطة بحمايته بعد تعرف عدد من المواطنين السوريين هناك عليه.
– الضابط أنور اتقبض عليه في 2019 وبعد سنتين من المحاكمات صدر حكم لمصلحة أسر الضحايا اللي توفوا في السجون السورية. وخلال المحاكمة استمعت المحكمة لشهادات ما يقرب من 80 شخص من الناجين من التعذيب في السجون السورية.
– بعيدا عن الحكم، فالقضية دي هي عمل مهم وتطور كبير في تعقب الأشخاص اللي ارتكبوا جرائم التعذيب أو جرائم ضد الإنسانية في النظام السوري أو غيره.
– وده لأنه الحكم صدر عن محكمة عليا في إقليم كوبلنز في ألمانيا بعد استخدام المحكمة مبدأ في القانون الدولي اسمه مبدأ الولاية القضائية العالمية، واللي بيسمح للقضاء الألماني بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية زي التعذيب من الدول اللي يشك في قدرة نظامها القضائي على الوفاء بالتزامات القانون الدولي والاتفاقيات المناهضة للتعذيب وده بغض النظر عن الجنسية أو مكان ارتكاب تلك الجرائم.
– بعد المحاكمة وزير العدل الألماني ماركو بوشمان قال أنه “قرار المحكمة الإقليمية العليا بكوبلنز (كوبلنتس) بالسجن مدى الحياة بحق ضابط سوري سابق بتهمة المشاركة في أعمال تعذيب قامت بها الدولة السورية، يعد “عملا رياديا”، “ويعول على صدور مثل هذه القرارات من محاكم في دول أخرى”.
– بالمناسبة ده مش أول حكم من النوع ده، السنة اللي فاتت برضه صدر حكم بالسجن 4 سنين على ضابط صغير في المخابرات السورية اسمه إياد الغريب بتهمة نقل المعتقلين للسجون دي، ودي كانت قضية مرتبطة بقضية أنور رسلان.
– ومن المرتقب أن تنطلق في فرانكفورت محاكمة أخرى على صلة بنظام بشار الأسد تطال طبيبا سوريا لجأ إلى ألمانيا.
****
ممكن نشوف ايه في القضية دي؟
– التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، وفي القانون الدولي الحالي آليات عالمية لضمان محاسبة المسئولين عن التعذيب، وطبعا الموضوع مرتبط بحسابات سياسية في أحيان كثيرة، والدول اللي بتقرر أنها تحاكم مسئولين سابقين في دول ديكتاتورية مش كثير في العالم.
– لكن مع تطور العالم، وزيادة الوعي بأهمية المحاسبة ودور المجتمع المدني في الدول اللي زي ألمانيا في الضغط على الحكومة لإجراء المحاكمات اللي زي دي، فطبعا ده بيحصل وإن كان متأخر، إلا إنه خطوة على طريق العدالة لضحايا التعذيب الممنهج في سوريا، واللي لم يتوقف حتى اللحظة.
– بعد 10 سنين من الثورة السورية، وحوالي نص مليون شهيد و 6 مليون لاجئ نتجوا عن تمسك نظام الأسد بالبقاء في السلطة، فالحكم ده نقطة في بحر العدالة المفقودة في المشهد السوري.
– كمان في نفس الوقت بيدي بارقة أمل أنه ممكن يحصل محاسبة لمرتبكي الجرائم اللي تمثل انتهاكات ضد الإنسانية ولو بعد حين يعني.
– كل الدعم والتضامن مع ضحايا التعذيب والديكتاتورية في كل حتة في العالم، وكل المحبة للناجين اللي نتمنى ليهم التعافي من التجارب دي وأنهم يلاقوا حياة أفضل بعد النجاة.
– نتمنى مع الوقت دولنا في المنطقة العربية تتحول لدول ديمقراطية والمحاكمات دي تحصل جوا البلدان العربية، ونعمل آليات لعدالة انتقالية حقيقية يكون فيها رفع الظلم وتحقيق العدل للضحايا أولويات قصوى.