الموقف المصري | Egyptian Situation

من أيام الرئيس السيسي عمل مداخلة مع الإعلامي شريف عامر، وكان بيتكلم عن زياراته للمشاريع القومية، ومرة واحدة خرج برا الموضوع واتكلم عن أحداث فرنسا وقارن أسعار البنزين هناك بالأسعار في مصر.

– في المكالمة دي قال الرئيس للاعلاميين: “وانتو بتنقلو الوقائع للناس في مصر مش تقولولهم الواقع الموجود في الدول دي إيه؟ يا ترى تمن الوقود هناك كام والضرايب عليها هيبقى كام؟” .. اتكلم كمان ان الناس هناك بتدفع ضرايب 30 و 40% من دخلها، وعشان عندهم حوكمة مفيش مخلوق مش بيدفع .. الرئيس طالب الإعلاميين يقولو للناس النقاط دي عشان الإعلام يبقى له دور “تنويري” ويقدم صورة “موضوعية”.

– في البوست ده احنا هنحاول نلتزم بكلامه ونقدم صورة “موضوعية” لمقارنة الجوانب دي بين فرنسا ومصر، بس من “الموضوعية” برضه اننا نشوف باقي الصورة.
*****

تعالوا نقارن الأسعار بيننا وبين فرنسا:

– سعر البنزين في فرنسا متوسطه 1.5 يورو للتر، وده بالمصري يعني 30 جنيه، ده رقم حقيقي فعلاً، لكن المقارنة دي غير منطقية لأسباب كتير.

– أولاً: زي ما أي مواطن عادي لا خبير ولا حاجة هيفكر: وهما هناك بيقبضوا كام؟ .. الحد الأدنى للأجور هناك 1400 – 1500 يورو، يعني بيوصل لحوالي 30 ألف جنيه مصري، ساعتها يبقى سعر الوقود كنسبة من الدخل أرخص من عندنا .. لو الرئيس عاوز الناس تدفع سعر البنزين بالسعر العالمي فطبيعي يطلبوا برضه أجور عالمية.

– ثانياً: مش كل الناس في فرنسا بتدفع النسب الضريبية الكبيرة دي .. ضريبة الدخل في فرنسا بتبدأ بإعفاء للي دخله السنوي أقل من 9700 يورو، وبعدها تتدرج الشرائح: 14%، 30%، 41% لحد ما نوصل 45% للي دخله فوق 156 ألف يورو.

وفي الواقع أغلب الشعب في الاعفاء أو أقل شريحة، بينما اللي بيدفعوا 30% من دخلهم هما 14% فقط، واللي بيدفعوا 45% هما أقل من 1% أصحاب أعلى دخول في الدولة.

– نقارن ده بالضرايب في مصر اللي فيها الاعفاء الضريبي حاليا للي دخله أقل من 8000 جنيه سنويا (يعني حوالي 400 يورو مادام بنحول كل حاجة!)، وأقصى شريحة للي بيعدي دخله200 ألف جنيه سنويا هيا 22.5%، وحتى خلال مناقشات الضرايب بالسنة المالية الحالية تم طرح اقتراح بالبرلمان بشريحة سادسة للي دخلهم فوق 500 ألف جنيه سنويا وتم تجاهله. اتكلمنا أكتر من مرة سابقا عن “العدالة الضريبية”.
*****

جانب تاني مهم جداً بعد مقارنة هوا الناس بتدفع كام .. هوا الناس بتاخد إيه قصاده؟

– خلينا نشوف جانب من الخدمات اللي بتعود على المواطن الفرنسي من ضرايبه.

– المقيم في فرنسا بيتمتع بتأمين صحي شامل بيخلي أي علاج أو عملية مابين مجاني تماماً إلى بيغطي 65% من النفقات حسب الحالة، وبمستوى خدمة محترم لأن فرنسا رقم 16 على العالم في كفاءة النظام الصحي، حسب تصنيف وكالة بلومبيرج اللي اتنشر في سبتمبر اللي فات.

– التعليم في فرنسا مجاني تماماً لحد الجامعة، وفي الجامعة التعليم بمصاريف محدودة (السنة الدراسية متوسطها 185 إلى 250 يورو)، وتعليم عالي ذو كفاءة كبيرة ومليان منح دراسية بيستفيد منها الفرنسيين والأجانب.

– على مستوى بيئة العمل فأي عامل أو موظف من حقه القانوني 5 أسابيع مدفوعة أجازة سنوية، وقيمة ساعة العمل الواحدة 9.61 يورو = 192 جنيه مصري.

– ده غير الاشتراكات اللي بتتيح ركوب المواصلات العامة ( مترو – ترام – باص) بشكل أسبوعي أو شهري بعدد لانهائي من الرحلات، وده مع مواصلات مستواها أفضل بكتير.

– مش معنى كده إنهم عايشين في الجنة وإلا مكانوش خرجوا تظاهروا، الوضع مش مثالي وفيه مشاكل كتير، ومنها مثلا نسبة بطالة كبيرة بتوصل ل 20% بين الشباب، لكن مع ذلك الدولة بتقدم التزام عليها بتقديم إعانة بطالة حسب كل حالة.
*****

غير كل ده تعالو نقارن في الأحداث الأخيرة نفسها، إيه كان رد فعل السلطة؟ خلينا نكمل الخبر عشان “الموضوعية”!

– الرئيس الفرنسي ماكرون أعلن مجموعة من التنازلات، أبرزها الغاء ضريبة الوقود اللي تسببت بالأحداث، وكمان رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 100 يورو عن الحد الأدنى الحالي (حوالي 1500 يورو شهريا)، واعفاءات ضريبية على معاشات المتقاعدين وعلى ساعات العمل الإضافية.

ماكرون اتكلم باحترام شديد عن مطالب الناس وقال “نريد فرنسا يعيش فيها المرء بكرامة من خلال عمله، وقد سرنا في هذا السبيل ببطء أكثر من اللازم.”.

– كمان المظاهرات المستمرة اللي شهدت عنف ببعض الأماكن مكانتش مبرر لقتل الناس، بل بالعكس اللي اتوفو كانوا أربعة فقط، تلاتة حوادث سير وواحدة بالصدفة بتبص من بلكونتها أصابتها قبلة غار، محدش قال اضربوهم بالرصاص! .. وكمان المقبوض عليهم بيخرجوا عادة بعد ساعات مش أيام، ومع كده عندهم انتقادات كبيرة لعنف الشرطة في التعامل، أو اهانة المقبوض عليهم.

– ليه يا ترى الرئيس السيسي والإعلام مخدوش بالهم خالص من مقارنة إنه في فرنسا تقدر تعمل كل ده من غير خوف انك تتقتل أو تتسجن لسنوات؟

– وليه مأخدوش بالهم خالص من اختلاف الخطاب للناس، مبيتقالش خونة وعملا وهيخربوا بلدهم، ولا حد بيجرؤ يقول احنا بنصرف عليكم كذا في الدعم لأنها فلوس المواطن الفرنسي اللي بيدفعها من ضرايبه أو من حقه في دخل دولته.

– كمان فرنسا فيها حق تأسيس للأحزاب والحركات السياسية، الرئيس ماكرون نفسه شكل حركة سياسية جديدة ودخل بيها الانتخابات اللي فاتت وفاز بالرئاسة بدون أي عوائق، والتنظيمات النقابية بتدافع عن مصالح أعضائها اللي بالملايين.
*****

– مادام بنتكلم عن “الموضوعية” فالحقيقة انه مش بس السياسات الحالية مؤذية للمواطنين على مستوى الحرية والعدل الاجتماعي والوضع الاقتصادي، بل كمان سيطرة الأجهزة الأمنية على الاعلام بتضلل المواطنين بدعاية مغلوطة.

– ومرة تانية اللي عاوز الناس تدفع الأسعار العالمية فلازم الناس تعيش في نفس مستوى الخدمات والدخل، وكمان نعيش في نفس مستوى الحرية اللي تتضمن سهولة محاسبة المسؤول وتغييره، مش يكون الحكم بالقوة والتخويف وكمان عاوز يعدل الدستور ويحكم طول عمره .. هي “باكيدج” على بعضها يافندم.
*****