– من 10 أيام نشر موقع فلاج ريفيو الألماني المتخصص في شؤون الطيران تقرير نقله موقع “المنصة”، بيقول إن الحكومة المصرية اشترت طائرة “جامبو جيت” ودي طيارة ضخمة وفاخرة من طراز “بوينغ 747-8I” بسعر يوازي 6.5 مليار جنيه مصري.
– إيه قصة الطيارة دي؟ ومين هيستفيد منها؟ وليه الحكومة بتشتري طيارات بالشكل ده؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
********
إيه قصة الطيارة دي؟
– بحسب تقارير عدة من الصحافة الألمانية، الحكومة المصرية اشترت طائرة “جامبو جيت” من طراز بوينج الأمريكية B747-8 الفاخرة، واللي ثمنها بيتخطى 400 مليون دولار أمريكي، يعني حوالي 6.5 مليار جنيه مصري.
– شركة بوينج استلمت طلب شراء الطيارة دي في شهر مارس الماضي، يعني من حوالي 6 شهور، وبدأت من بعدها إجراءات الصيانة للطيارة وتغيير علمها واسمها عشان يتعرف اسم المشتري الجديد للطيارة وهو الحكومة المصرية، وتكشفلنا الصحافة الألمانية إنه الطيارة دي هتبقى طيارة نفاثة للمسؤولين المصريين الكبار، وتنضم رسميًا لطائرات رئاسة الجمهورية.
– الطيارة دي تحديدًا كانت شبه “جثة هامدة” لسنوات، كونها ضمن سرب مكون من 20 طيارة اشترتهم شركة لوفتهانزا الألمانية للطيران من شركة بوينغ الأمريكية، لكنها طلبت إرجاع الطائرة دي تحديدًا بسبب إنه شركة بوينغ اللي صنعتها، كانت بتستخدمها كتير في الاختبارات، بحسب موقع فلاج ريفيو الألماني.
– وبالتالي فالطيارة دي من وقت تصنيعها قضت معظم وقتها داخل المطارات متوقفة عن العمل وبيتم استخدامها في الاختبارات فقط، ومطلعتش غير رحلات قليلة جدًا في اخر 6 سنين، وبعد طلب شرائها من الحكومة المصرية بدأت عمليات الصيانة في الشهور الأخيرة وتشغيل أنظمتها الميكانيكية وتغيير الألوان والاسم وتسجيلها باسم “SU-EGY” عشان تنضم للحكومة وتبقى تابعة رسميًا لرئاسة الجمهورية.
– اللي موجود من الطيارات دي عالميًا قليل قوي، حوالي 37 طيارة، في شركات طيران الصين ولوفتهانزا الألمانية وشركة الطيران الكورية، منهم 25 شغالين في الجو، والباقي تم تخزينهم أو في الصيانة، نتيجة استهلاكهم الكثيف للوقود، وبالتالي عدم صلاحيتها للطيران التجاري.
طيب هل مصر محتاجة طيارات رئاسية جديدة؟
– الصحافة الألمانية قالت إنه الطيارة الجديدة هتحل محل طيارة الرئاسة “ايرباص” طراز A340-200 SU-GGG، لتقادم سنوات خدمتها منذ 1995، يعني من حوالي 26 سنة.
– لكن بخلاف الطيارة الايرباص ولحد سنة 2015 فرئاسة الجمهورية المصرية كان عندها 24 طائرة رئاسية مصرية اشترتهم مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، بالإضافة لطيارتين إسعاف، و 7 طيارات هيلكوبتر، وطيارات الخدمة والحراسة من القوات المسلحة.
– بالإضافة لدول مصر عملت صفقة مثيرة للجدل سنة 2016 كشفتها الصحافة الفرنسية، لما وقعت الحكومة المصرية مع شركة “داسو” الفرنسية عقد لشراء 4 طائرات رئاسية جديدة من طراز فالكون إكس 4، بقيمة 300 مليون يورو، يعني حوالي 4 مليار جنيه مصري في التوقيت ده، ودي بالمناسبة نفس الشركة اللي بنستورد منها طائرات الرافال العسكرية.
– ورغم نفي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في وقت مبكر لصفقة الطائرات الرئاسية الفرنسية، لكن بعد شهور تم تشغيل الطائرات دي بالعلم المصري واستخدمها الرئيس السيسي في بعض الرحلات وتم دخولها الخدمة بالفعل.
– وبالطبع سواء في الصفقة القديمة أو الصفقة الحالية، مصر الرسمية مبتعلنش عن الصفقات دي، ولا في مسؤول بيهتم يوضح أسباب شراء ب 10 مليار جنيه في 5 سنين فقط، طائرات رئاسية جديدة بالرغم من وجود طائرات شغالة بالفعل وتابعة للرئاسة.
– وبرضه مفيش عندنا لا صحافة ولا إعلام ولا برلمان ولا أجهزة رقابية، بتسأل عن سبب شراء الطائرات دي، وبيتعمل إيه بالطيارات الحالية، وهل في شبهات فساد أو عمولات في صفقات الطائرات دي ولا لأ، وليه مبتخضعش للمراقبة والمساءلة باعتبار إنها أموال عامة بتتمول من جيوب المواطنين.
******
طب الزعماء في العالم بيتصرفوا إزاي في موضوع الطائرات الرئاسية ده؟
– نقدر نقارن الوضع المصري مثلًا بالأسطول الرئاسي الأمريكي اللي كان مكون من طائرتين فقط لا غير موجودين في الخدمة من سنة 1990، وسنة 2015 تم شراء طيارات جديدة ( بعد 25 سنة )، والطائرات دي رغم جاهزيتها بأفضل تكنولوجيا الاتصالات وإمكانيات مناسبة للراحة لكنها بتشمل أماكن للصحفيين بتوصل لـ 70 شخص.
– ومع ذلك الدنيا في أمريكا اتقلبت، وقائدة القوات الجوية ” ديبورا دي جيمس” اتكلمت ووضحت أسباب شراء الطيارات الحديثة، وإنه تم استبدالها بالطائرات القديمة، لأن في صحافة كانت بتسأل وأجهزة بتراقب، وبرلمان ممكن يسحب الثقة من المسؤولين الحكوميين ويحاسبهم، وشعب لازم يعرف فلوسه بتتصرف في مكانها الطبيعي ولا المسؤولين بيستغلوا سلطتهم وبيصرفوها على رفاهيتهم الشخصية.
– حتى على المستوى المصري قبل كده، كان الرئيس عبد الناصر بيكتفي باستئجار طائرات خاصة ومشتراش طائرة رئاسية طول عمره، والرئيس السادات رغم المعروف عنه من حب المظاهر والإنفاق ببذخ، مشتراش طيارة رئاسية واحدة، وامتلكت مصر 3 طائرات رئاسية لكن في شكل طائرة هيلكوبتر هدية من الرئيس الأمريكي كارتر، وطيارتين من حاكم الإمارات السابق الشيخ زايد ال نهيان.
– لكن في دول تانية مشهورة بالبذخ في الإنفاق على طائرات الرؤساء وهي دول مفيهاش أنظمة ديمقراطية زي السعودية اللي فيها “قصر طائر” مكون من دورين بتكلفة هي الأغلى في العالم كله، وروسيا واليمن والمكسيك وزيمبابوي واليمن واليابان والإمارات والهند، معظم الدول دي بتستخدم الطيارات دي لرفاهية الحكام والزعماء وشفنا منهم دول فقيرة جدًا زي اليمن وزيمبابوي أو دول تانية حاولت تبيع الطائرة الرئاسية بتاعتها زي المكسيك بسبب ثمنها المبالغ فيه وإنها رمز للفساد والرفاهية، وبالمناسبة الطيارة الجديدة اللي الحكومة المصرية اشترتها هي أغلى من كل طائرات الدول دي وبالظبط بنفس ثمن القصر الطائر السعودي.
– بينما دول زي ألمانيا وأمريكا ورغم إنه طياراتهم الرئاسية غالية جدًا (300 و 325 مليون دولار) بسبب تجهيزها بأنظمة دفاعية ضخمة ومتطورة للغاية، لكنها طائرات محدودة، وألمانيا استخدمت طيارتها الرئاسية قبل كده في إجلاء أشخاص من ليبيا سنة 2011، يعني مش مجرد طيارة لرفاهية الرئيس.
*********
نشوف إيه من ده كله؟
– نشوف إننا في واقع مؤسف جدًا، إنه الحكومة والرئيس بيكلموا الشعب دايمًا عن التقشف وتحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادي، لكن بنسمع ونشوف فلوس بتتصرف بشكل كبير على أمور رفاهية للحد الأقصى من قصور رئاسية جديدة رغم إن مصر فيها عشرات القصور، ومن طائرات رئاسية جديدة رغم إنه عندنا طيارات كتير جدًا، ومش بس كده لأ نوصل لمرحلة إننا نشتري طيارة رئاسية تتصنف من أغلى الطائرات الرئاسية في العالم.
– وده في الوقت اللي الرئيس فيه بينزعج جدًا من إن رغيف العيش المدعم لسه بيتباع بـ 5 قروش وشايف إنه كتير جدًا ولازم يتم رفع سعره، وكمان المطالبات الحكومية للمصريين طول الوقت بالتقشف في الإنفاق على الرفاهيات، وبيخلوا المواطنين يدفعوا الخدمات بالأسعار العالمية زي البنزين والكهرباء (بدون أي دعم من الحكومة)، وفي المقابل نسمع عن بناء قصور وشراء طيارات، وحتى الآن محدش بيسأل مين المسؤول عن القرارات دي؟ وبتتعمل تبعا لأي خطة تقشف، وإنه ده مال عام كان ممكن يبني مستشفيات ومدارس أو يحل أزمة مرتبات الأطباء أو بدل العدوى.
– مش منطقي أبدًا إنه الرئيس كل يوم يقولنا نجيب منين وعاوزين فلوس ولازم تدفعوا عشان تعيشوا، وبنشهد زيادة علينا في تمن السلع والخدمات والجمارك والضرايب، لكن من غير ما ناخد مقابلها حرية انتخاب الرئيس ولا حرية إننا نسأل عن تصرفاته ولا عن أوجه الإنفاق اللي فيه حاجات كتير مبالغ فيها وكان ممكن توفيرها لمشاريع حقيقية تنقذ الصحة والتعليم وتقلل معدلات الفقر.
– كمان مش منطقي إن الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي بتقول إن فيه ارتفاع في الدين الخارجي لمصر لحد ما بلغ معدل الزيادة في ديون البلاد الخارجية حوالي 21% خلال عام فقط، ومع ذلك يبقى الاهتمام الحكومي بتحديث أسطول طائرات الرئاسة.
– للأسف الشديد مفيش صحافة في مصر بتهتم إنها تقول أخبار بالشكل ده إلا مواقع صحفية جريئة ومحترمة ومهنية قليلة جدًا وبتتعرض لتضييقات كتيرة وحجب عشان متتشافش زي مواقع “المنصة” و” مدى مصر” اللي بنشكرهم على أدائهم المهني طول الوقت.
– ومن حقك كمواطن مصري إنك تسأل الرئيس أو الحكومة أو المتحدثين باسمهم، عن أسباب شراء الطيارات دي وليه احنا كمواطنين ندفع 6 مليار جنيه دلوقتي عشان طيارة رئاسية فيه بدايل لها.
*********
– بوست سابق عن طائرات الفالكون الفرنسية.