يوم الأربعاء 9 ديسمبر صرحت وزيرة التخطيط هالة السعيد أنه شركتي صافي للمياه، ووطنية للبترول هتكون أولى شركات الجيش اللي يتم طرحها في البورصة، وهيتلوها شركات تانية ممكن توصل 10 شركات.
– القرار ده جاي بعد حوالي سنة من كلام الرئيس السيسي عن طرح شركات الجيش في البورصة لإشراك القطاع الخاص أكثر في الاقتصاد في معرض حديثه أنه الجيش مش هدفه السيطرة على الاقتصاد.
– صندوق النقد الدولي كان حذر في 2017 إن تطوير القطاع الخاص وخلق الوظائف “قد تعوقها مشاركة كيانات تابعة لوزارة الدفاع”، واتكررت دعوات صندوق النقد لطرح شركات مملوكة للقطاع العام او للجيش في البورصة ضمن اجراءات الاصلاح الاقتصادي.
– حنشوف النهاردة ايه اللي حصل في الملف ده لحد دلوقتي؟ هل فعلا شركات الجيش سوف تطرح للاستثمار الشعبي العام؟ وايه اللي ممكن نشوفه في الخطوات دي كلها؟
*****
– في خلال السنة اللي فاتت بدأت وزارة التخطيط تدير الملف ده، عن طريق صندوق مصر السيادي، واللي وقع اتفاقية في فبراير الماضي مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية – وهو الذراع الاستثماري المدني للجيش – واللي بيملك عدد كبير من الشركات في مجالات متنوعة.
– بعد توقيع الاتفاقية تم اختيار شركتين عشان يتم طرحهم للمستثمرين، واللي سمتهم الوزيرة هالة السعيد ” مستثمرين استراتيجيين “، بمعنى أنهم مستثمرين ممكن يمتلكوا حصص كبيرة من الشركات أو يساهموا بقدر كبير في توسعة أعمال الشركات دي أو زيادة رأس المال.
– بالتالي شركتي وطنية وصافي مش حيطرحوا في البورصة للتداول العام حاليا، ولكن الصندوق بيبحث عن مستثمرين مصريين أو أجانب عشان يضخوا استثمارات في الشركتين مقابل حصص من الملكية، وطبعا حصة الملكية بتساوي حصة في الإدارة.
– طيب هل المستثمرين ممكن يمتلكوا كامل الشركتين؟ بحسب تصريحات “أيمن سليمان” المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، واللي قال إنه “الخطة الأولية تشمل بيع حصص تصل إلى 100% فى عشر شركات تابعة للجهاز المملوك لوزارة الدفاع خلال عام 2021”.
– بالتالي دلوقتي من الواضح انه الجيش هيتخلى عن بعض شركاته للقطاع الخاص أو هيعمل شراكات استثمارية طويلة مربحة للطرفين مع القطاع الخاص، واللي يؤكد ده هو اختيار وطنية وصافي وهما شركتين موجودين في السوق المصري بشكل جيد سواء في قطاع المياة المعبأة أو في قطاع توزيع مواد البترول.
******
– وجود الصندوق السيادي في إدارة عملية طرح الشركات دي للمستثمرين، بيخلينا نفكر انه الصندوق نفسه ممكن هو اللي يستثمر في الشركات دي، عن طريق شركاء موجودين بالفعل مع الصندوق، زي صندوق أبو ظبي للاستثمار واللي وقع مع الصندوق السيادي المصري اتفاقية لإنشاء منصة استثمار مشتركة بقيمة 20 مليار دولار في نوفمبر 2019.
– هل ممكن الإماراتيين يكونوا مهتمين بالاستثمار في الشركات دي ؟ طبعاً، فبعيد عن أنها شركات بتحقق معدلات ربحية عالية، لكنها شركات تقع في نطاق اهتمام الإماراتيين والسعوديين.
– قطاع مياه الشرب في الخليج قطاع كبير وفي دائما بحث عن استثمارات خليجية بره لتعويض النقص في الطلب على مياه الشرب، بالتالي شركة زي صافي ممكن تكون فرصة استثمار جيدة ليهم.
– كمان شركات زي وطنية اللي بتملك أكتر من 200 محطة بنزين، ممكن تكون وجهة جاذبة للاستثمار، خاصة مع طفرة الطرق اللي بتحصل ونفاذ وطنية اللامحدود لمساحات الأراضي دي واللي بيكون من غير أراضي أو رخص للبناء لأنه الشركة مملوكة للجيش.
– بالتالي طرح الشركتين أمام المستثمرين عبر صندوق مصر السيادي هو فرصة لتوسعة أعمال الشركتين واستحواذهم على حصة أكبر من السوق المصري، وفي حالة صافي ممكن تكون فرصة لتصدير المياة المعبأة للخليج نفسه، بالتالي قدرة أكبر لشركات الجيش على النفاذ للأسواق الخليجية والعربية المجاورة.
– وبالفعل في يوم 17 ديسمبر أعلنت وكالة بلومبرج عن سعي شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” وشركة “طاقة عربية” التابعة للقلعة المصرية، لشراء “وطنية” للبترول.
******
طيب ليه الجيش بدأ بالشركتين دول تحديداً ؟
– في تفسير منطقي شوية بيقوله “يزيد الصايغ” كبير الباحثين بمركز كارنيغي للشرق الأوسط، ـلاختيار شركتي “صافي” و”وطنية” تحديداً لابتعادهم عن القطاعات الحيوية اللي بيشتغل فيها الجيش، هي آه شركات مهمة لكنها مش الأكثر أهمية ولا الأكثر ربحية، زي مثلاً شركات مناجم الذهب أو الإسمنت أو الحديد والصلب.
– وبالتالي مجرد طرح الشركتين دول من المنطقي هيجذب فرص تمويل كبيرة لو كانوا هيتطرحوا في البورصة، واللي كانت انتعشت فعلاً أول ما الرئيس السيسي اتكلم عن طرح الشركات دي.
*****
– الرئيس السيسي لما أتكلم في نوفمبر 2019 عن طرح الشركات في البورصة قال نصا ” لازم الشركات دي (التابعة للجيش) تدخل البورصة ويبقى فيه فرصة للمصريين يكون لهم أسهم في الشركات دي “.
– لو ده كان حصل كان هيبقى ايجابي جدا، مش بس عشان الفرص لعامة المواطنين وصغار المستثمرين، لكن كمان لأن الشركات دي هتبقى ساعتها ملزمة بموجب قانون البورصة بتقديم “الإفصاحات” وهيتنشر ميزانيتها وهيكل إدارتها وأرباحها والقوائم المالية وكل المعلومات اللي حاليا سرية ومحدش في السوق يعرفها.
– لكن الواقع واللي بيحصل دلوقتي حتى الآن بيقول أنه الفرص الاستثمارية دي هتكون قدام مستثمرين بعينهم، بالتالي لسه مفيش خطوة كاملة لإشراك المواطنين في الطرح العام.
– بالتالي المستقبل لسه غامض وجايز يتم تأخير طرح الشركات دي في البورصة أو إلغاء الفكرة من أساسه والاستغناء بالمستثمرين اللي هيظهروا واللي وارد يتم اختيار شخصيات بعينها ليها، لأن كمان قواعد الشفافية المعمول بها في البورصة المصرية وفي كل بورصات العالم، بتقتضي الإفصاح عن القوائم المالية للشركة وإتاحة كل المعلومات اللازمة أمام حملة الأسهم عن نشاط الشركة قبلها بسنتين على الأقل.
– نقطة غموض تانية هوا هل الشركات المطروحة هتستمر في الاستفادة من المزايا الخاصة بالجيش؟ يعني استخدام العمالة منخفضة الأجور من مجندي القوات المسلحة، أو الحصول على أراضي مجانا، او الاعفاء من الضرايب والرسوم وغيرها، هل ده هينطبق على الشركات اللي يتم طرح نسب منها ولا لا؟
– بالطبع خطوة زي دي مهمة، وإن كانت أهميتها مش كبيرة أوي، لأنه فعليا الجيش مش هينسحب من القطاعات الاقتصادية دي، وتأثير مزاحمته للقطاع الخاص حيكون مستمر، وممكن يزيد ويكون للمستثمرين شركاء الجيش فرصة أكبر في الحصول على صفقات مرتبطة بقطاعاتهم الاقتصادية خاصة أنه دلوقتي المشاريع بتتم بالأمر المباشر.
*****
– الخطوة بتدي إشارات إيجابية للسوق أنه الجيش ممكن يتنازل ولو جزئيا عن حصص مملوكة ليه في الشركات دي مقابل سيولة مالية، لكن الخطوة ناقصة كثير.
– كان ممكن الجيش، او الصندوق السيادي لو فعلا مهتم بتحسين مناخ الاستثمار يعمل برنامج طروحات على غرار الطروحات الحكومية تشمل بيع الجيش لحصص حتى ولو صغيرة 10 % بس من شركاته في البورصة.
– خطوة زي دي وبعيدا عن تنشيطها الكبير للبورصة المصرية، كانت هتدي إشارات إيجابية أكثر للمستثمرين الأجانب أنه الجيش مش مهتم بالمزاحمة في قطاعات إنتاجية وأنه كل تركيزه الفترة دي على مشاريع البنية التحتية وغيرها من المجالات اللي القطاع الخاص لا يلبي متطلبات الدولة بشكل كافي فيها.
– وده كان ممكن يبان مثلاً لو كان الجيش طرح عدد من شركاته بقطاعات حيوية أخرى، خاصة شركة العاصمة الإدارية الجديدة، وهو المطلب اللي كان موجود عند عدد من المستثمرين اللي قابلوا الوزيرة هالة السعيد من شهور، دي كانت حتبقي خطوة جيدة تحل مشكلة السيولة عند الشركة، وتمول المشاريع عبر الطرح في البورصة بدل الاقتراض الخارجي أو الداخلي اللي الحكومة يتعمله عشان تكمل مشاريع العاصمة الجديدة.
– الخلاصة انه ورغم أنه الخطوة بتدي مؤشرات إيجابية لكنها ناقصة كتير، الطرح الحالي للمستثمرين هو عبارة عن شراكات للجيش معاهم مش طرح عام في البورصة بيحقق معايير الشفافية وبالتالي مش بيخضع مشاريع الجيش المدنية لرقابة من أي نوع.
– زي ما كتبنا كثير قبل كدة محدش عنده مشكلة أنه مشاريع الجيش العسكرية تكون سرية، ولكن المشاريع المدنية لازم يكون عليها رقابة ولازم تخضع للضرائب وغيرها من معايير المنافسة العادلة مع القطاع الخاص، ده لصالح السوق والاقتصاد المصري كله ولصالح القوات المسلحة نفسها.
*****