– البرلمان الأوروبي صوت امبارح على قرار ينتقد أوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، على خلفية عدد من الممارسات اللي ارتكبت في الفترة اللي فاتت زي القبض على أعضاء المبادرة المصرية، وتعطيل التحقيقات في قضية ريجيني وحبس الصحفيين ووضع المعارضين على قوائم الإرهاب.
– القرار صدر بموافقة أغلبية كاسحة من النواب الحاضرين وعددهم 434 عضو، مقابل 49 عضو آخر صوتوا ضد القرار.
– البرلمان المصري هاجم البرلمان الأوروبي بسبب القرار واعتبره تدخل في الشئون الداخلية “لا يلائم الشراكة الاستراتيجية المصرية – الأوروبية” لكن القرار بيأكد إن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، هي أمور متفق عليها كأولويات وعناصر أساسية في العلاقات المشتركة بين الطرفين.
*****
القرار تضمن 19 بند، أبرزهم:
1- أعرب البرلمان الأوروبي عن أسفه لمحاولة مصر تضليل وتعطيل التحقيقات الإيطالية في قضية مقتل جوليو ريجيني، ورفض تقديم المعلومات اللازمة، وطالب مصر بتقديم عناوين إقامة المتهمين الأربعة، للسماح بمواجهتهم بتهم المحكمة.
2- حذر من الانتقام من الشهود في القضية أو محاميي أسرة ريجيني “المفوضية المصرية للحقوق والحريات”، وعبر عن دعم الأسرة البرلمان للأسرة.
3- طالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين بشكل تعسفي، والمحكوم عليهم بسبب نشاطهم السلمي والقانوني في مجال حقوق الإنسان، زي عزت غنيم، وهيثم محمدين، وعلاء عبد الفتاح، ماهينور المصري، محمد الباقر، هدى عبدالمنعم، إسلام الكلحي، عبدالمنعم أبو الفتوح، إسراء عبد الفتاح، زياد العليمي، رامي شعث، سناء سيف وسولافة مجدي وكمال البلشي.
4- أعرب عن قلقه على مصير المحبوسين في أماكن مزدحمة في ظل تفشي فيروس كورونا، وداعى لتخفيف الزحام في أماكن الاحتجاز، ودعى للإفراج عن الأطباء والصحفيين اللي اتحبسوا بسبب كلامهم عن تعامل الدولة مع الفيروس.
5- استنكر زيادة الإعدامات في مصر ودعى لوقف استخدام عقوبة الإعدام والإفراج الفوري عن الأحداث (الأطفال) الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام.
6- عبر عن غضبه من الإجراءات الأخيرة ضد أعضاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وطالب بوقف الترهيب والمضايقات ضدهم، بما فيها منعهم من السفر وتجميد أموالهم. دعى أيضا للإفراج فورا عن باتريك جورج عضو المبادرة المصرية، وإسقاط التهم عنه.
7- عبر عن أسفه لاستمرار استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وشجع ممثلي وفد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في القاهرة على حضور محاكمات الصحفيين المصريين والأجانب والنقابيين وزيارتهم أثناء الاحتجاز.
8- دعى لاعتماد قانون يجرم العنف ضد المرأة، ووقف أي نوع من الاضطهاد ضد المرأة بحجة “الإخلال بالآداب العامة” وطالب بوقف التنكيل ضد الناشطة أمل فتحي، أو المقبوض عليهم بسبب ميولهم الجنسية.
9- القرار يدين أيضا عدم التزام الدول الأعضاء بمنع تصدير معدات أدوات تستخدم في القمع في مصر. ويطالب بربط المساعدات المستقبلية لمصر بملف حقوق الإنسان، ودراسة فرض عقوبات على المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات.
*****
ايه رد مصر على القرار؟
– كالعادة الرد الرسمي المصري بيكون عصبي، ومش بيعلق أبداً بشكل مباشر على الانتهاكات الأساسية اللي اتكلم عنها البرلمان الأوروبي، لكن زي المعتاد بيتم مهاجمة القرار والمطالبة بعدم التدخل في شئون مصر الداخلية.
– مجلس النواب المصري برئاسة على عبدالعال قال في بيان، إن القرار تضمن العديد من المغالطات المغايرة للواقع المصري، وقال إن من غير مقبول ولا يلائم الشراكة الاستراتيجية بين مصر وأوروبا، وطلب من البرلمان الأوروبي “عدم تنصيب نفسه وصياً على مصر، والنأي بالبرلمان عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة أغراض سياسية أو انتخابية”.
– البيان قال كمان إن البرلمان الأوروبي كان من الأولى يبص بشكل موضوعي للجهود المصرية في حفظ الأمن والاستقرار، وللجهود المصرية لتحسين معيشة المواطن المصري.
– في الواقع قرار البرلمان الأوروبي مأغفلش النقط اللي اتكلم عنها البرلمان المصري، وأكد إن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، عناصر أساسية في العلاقات المشتركة، ومنصوص عليه في أولويات الشراكة بين الطرفين.
– القرار بيأكد إن مصر شريك مهم للاتحاد الأوروبي، لكنه بيدعم الشعب المصري في تطلعاته لإقامة “دولة حرة ومستقرة ومزدهرة وديمقراطية”، ودعى لإجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، لأن وضع حقوق الإنسان فيها يتطلب مراجعة جادة.
– وده اللي الحكومة المصرية ومؤسسات الدولة بتتهرب من الكلام فيه وبتستخبى ورا شعارات الشؤون الداخلية مرة، أو عدم صحة البيانات والتحليلات، أو إنه ده مفهوم غير دقيق لحقوق الإنسان، المصريين بيهتمو بس بالأكل والشرب !!
*****
إيه الفرق بين القرار ده والإدانات السابقة من المنظمات الدولية ؟
– دي أول مرة تتكلم فيها منظمة دولية بالحجم ده عن إنشاء آلية دولية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان وفرض عقوبات وقيود على كبار المسؤولين المصريين.
– البرلمان الأوروبي ملوش سلطة تنفيذية، ودوره توجيهي بشكل أساسي، ودول الاتحاد بتهمل قراراته أحيانا زي ما حصل مع توصيات سابقة بعدم تصدير السلاح لدول معينة بتنتهك حقوق الإنسان، لكن رغم ده، الأغلبية الكبيرة اللي صوتت على العقوبات بتقول إن فيه ضغط كبير هيحصل الفترة الجاية تجاه ملف حقوق الإنسان في مصر واللي بقى من الصعب تحمل بقاؤه زي ما هوا.
– البرلمان دعا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإنشاء الآلية دي من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اللي هتنعقد دورته بعد 3 شهور من دلوقتي، يعني فيه خطوات تصعيدية كتير هتتاخد فعلاً، وممكن ينتج عنها فرض عقوبات على قوائم أشخاص أو مسؤولين زي ما حصل مع مسؤولين في النظام السوري.
– العقوبات دي ممكن تكون تجميد ارصدة مالية أو منع مسؤولين من السفر، وده مثلا اللي متوقع تستخدمه إيطاليا ضد الظباط المتهمين بقتل جوليو ريجيني لو مصر رفضت تسليمهم للمحاكمة.
– بالتزامن مع ده، يبدوا إن فيه تجاوب من الأمم المتحدة مع الدعوات لفرض عقوبات، والمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة قال إن أي قرار من الاتحاد الأوروبي ضد مسؤولين مصريين هو أمر سيادي يعود للاتحاد.
– من ناحية تانية، من الوارد يكون فيه عقوبات من جهات أخرى ضد شخصيات رسمية. فيه دعوى مرفوعة في أمريكا ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، بتتهمه بالمسؤلية عن الانتهاكات اللي حصلت الناشط محمد سلطان لما كان محبوس سنة 2013. كمان وجود الرئيس المنتخب جو بايدن في السلطة هيكون فيه اهتمام كبير بملف حقوق الإنسان الفترة الجاية.
*****
هل فعلاً ممكن تتاخد إجراءات ضد مسؤولين مصريين ؟
– خلينا برضه نأكد إنه مسؤولية البرلمان الأوروبي هي التوجيه العام، وده لايعني بالضرورة إنه في عقوبات اقتصادية وعسكرية مثلاً هتتطبق ضد مصر من بكرة.
– في النهاية برضه البرلمان الأوروبي مهواش المحكمة الجنائية الدولية عشان عقوباته حازمة، زي ما حصل مثلاً مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير اللي بسبب جرايمه كان ممنوع من السفر لمعظم دول العالم، والسودان كانت مصنفة كدولة داعمة للإرهاب لحد شهور فاتت.
– لكن زي ما قلنا دي من أكتر المرات اللي في فيها لهجة حاسمة وتصعيدية ضد المستوى اللي وصلتله مصر في انتهاكات حقوق الإنسان واللي لازم السلطة والدولة في مصر تفهم ضرورة وقف الأداء ده في الملف الحقوقي.
*****
إحنا موقفنا إيه من الكلام ده؟
– مراعاة حقوق الإنسان هو شيء في صالح المصريين أولا وأخيرا، وهينعكس على حياتنا أحنا قبل أي حد تاني.
– المفروض يتم الإفراج عن المحبوسين لأنهم مظلومين، مش بس عشان أطراف خارجية طالبت بالإفراج عنهم، والحقيقة شيء مؤسف جداً إن الملف ده مبيتحركش إلا بضغوط دولية، والمعتقلين في مصر اللي مسجونين بشكل غير قانوني ولا إنساني عددهم بالآلاف.
– يهمنا فعلا يتم التعامل بصرامة مع جريمة التعذيب في مصر، مش معقول تبقى إيطاليا بتحارب وبتضغط عشان حق مواطن عندها مات من التعذيب لمدة سنوات، وإحنا عندنا الناس بتموت في السجون والأقسام أو بتتعرض للتعذيب بدون أي رادع للجريمة دي.
– وارد إن بعض الدول تستخدم الملف السيء لحقوق الإنسان في مصر في ابتزازها في قضايا معينة، لكن خلينا نفتكر إن تحسين الأوضاع هو اللي هيمنع الابتزاز ده، لكن مش السبب فيه الناس اللي محبوسة بلا ذنب !!
ومش معقول يكون مثلاً تمن 5 ظباط ارتكبو جريمة تعذيب لحد القتل إنه الدولة تدافع عنهم وتدفع مليارات الدولارات رشاوي في صفقات سلاح بلا داعي عشان تحميهم من المحاسبة على جريمتهم.
– وخلينا شايفين مع بعض كلنا إنه قد إيه حاجة بسيطة زي استقلال القضاء وسيادة القانون وعدم حبس أي مواطن بدون جريمة، الدولة في مصر عندها مشكلة معاها للدرجة اللي تخليها معندهاش مشكلة تدخل في كل الصدامات مع العالم، بس الناس دي متطلعش من السجن أو تتحاكم محاكمات عادلة وقانونية !
– الديمقراطية وحقوق الإنسان تكلفتهم المادية بسيطة ولا تذكر، لكن ثمن الديكتاتورية والتسلط كتير وكبير جداًَ وبندفع ثمنه مرات ومرات من اقتصادنا وحياتنا وأعمارنا وحرياتنا.
*****