– في آخر جلسات تجديد حبس الصحفية سولافة مجدي اتكلمت عن تعرضها لـ “تعذيب وسحل وتحرش” عرفنا دا بعد تقديم محامين سولافة لبلاغات رسمية في النيابة..
– الكلام دا بتحيكه صحفية فازت مع مؤسسة الإعلام النسائية الدولية برفقة 3 صحفيات من الصين وفنلندا وسوريا، بجائزة “الشجاعة الصحفية السنوية”، وفيه اهتمام حقوقي دولي بقضيتها.
– سولافة صحفية وأم، بتقضي عيد ميلادها للسنة التانية داخل السجن بعد ما اعتقلت هي وزوجها المصور حسام الصياد من يوم 26 نوفمبر 2019، وتم إدراجهم على ذمة القضية رقم 488 أمن دولة عليا، ومن وقتها وهي رهن الحبس الاحتياطي ومحرومة من ابنها الصغير خالد وأسرتها.
*****
– يوم 29 يناير قدم محامين سولافة مجدي، 7 بلاغات للنائب العام والمحامي العام لنيابات بنها ورئيس نيابة القناطر ووزير الداخلية ومدير أمن القليوبية ومأمور سجن النساء بالقناطر، متهمين ضباط وأفراد شرطة عاملين بسجن القناطر، وآخر مجهول، بالتعدي عليها.
– الوقائع اللي ذكرتها سولافة أثناء جلسة لتجديد حبسها هي إنه أثناء خروجها من السجن لحضور جلسة تجديد الحبس يوم 19 يناير 2021، أجبرتها السجانة على خلع جميع ملابسها وتم التعدي عليها بالضرب، وبعدها أمين الشرطة قام بسحلها من غرفة التفتيش لحد عربية الترحيلات.
– وتضمن البلاغ على لسان سولافة مجموعة انتهاكات، في مقدمتها محاولة تجنيدها من شخص مجهول -في الأغلب هو ظابط أمن وطني-، وده حصل يوم 29 نوفمبر 2020.
– حكت سولافة عن المحاولة دي إنه تم تغمية عينها من السجانات، واصطحابها لغرفة للتحدث مع شخص مجهول، وقالها (أنا اللى هخرجك من هنا لو سمعتى كلامى، وعايزك تجاوبي على كل الأسئلة اللى هسألها ليكي).
وبحسب أقوال سولافة أمام المحكمة (هذا الشخص المجهول كان عايزنى اشتغل معاه مرشدة، وأبلغه بأسماء ناس وبيروحوا فين، وبيعملوا إيه، ولما قلت له أنا مش مخبرة ومش هعمل كده هددنى إني مش هشوف ابنى تاني، وهددني بزوجي أيضا) وأشارت كمان لواقعة تحرش أثناء استجوابها.
– قالت سولافة كمان في البلاغ إنه سلطات السجن سبق وأجبرتها على كشف “قسري” على الرحم، وده أدى لإصابتها بنزيف، وطلب المحامين أثناء تقديم البلاغ بعرض سولافة على الطب الشرعي، وإعداد تقرير عن إصاباتها المتكررة وحالة النزيف، والتحقيق في كل الوقائع والاستماع لأقوال سولافة باعتبارها مجني عليها.
– في زيارة لوالدة سولافة في محبسها بتاريخ 27 يناير 2021 شافت بنتها في حالة إعياء شديدة، وكان فيه اتنين من السجانات بيسندوها عشان تتحرك.
– بعد ما تم نشر القصة دي على وسائل التواصل الاجتماعي، خرجت وزارة الداخلية تنفي أخبار الاعتداء على الصحفية المعتقلة سولافة مجدي داخل سجن القناطر للنساء، وقالت إنه ما تردد “مجرد إشاعات من جماعة الإخوان”، وإن “المعاملة في السجن حسنة”.
*****
– طبعاً ده مش الاعتداء الأول اللي بنسمع عنه في السجون ومقرات الاحتجاز، يعني الأجهزة الأمنية بتعتقل ناس وبتحبسهم احتياطي شهور وسنين وبيتم تدويرهم في قضايا باتهامات غريبة، وكمان بيتم تعذيبهم نفسيا وجسديا بأشكال مختلفة، ومفيش نيابة بتحقق في وقائع التعذيب، ولا بتحقق بجدية في القضايا اللي بيتحبسوا على ذمتها بل على العكس بتجدد الحبس الاحتياطي بطريقة تلقائية لحد ما يجيلها تعليمات من الأمن الوطني بالإفراج عنهم.
– مثلاً غطينا هنا في الصفحة قبل كده بلاغ علاء عبدالفتاح من تعرضه للاعتداء داخل السجن، وتم تجاهل التحقيق، وبعدها بفترة لما أسرته كانت بتطالب بمجرد الاطمئنان عليه ولو حتى بجواب خارج منه لأن الزيارات ممنوعة، تم الاعتداء على أسرته وهي أمام السجن، وبعدها بيوم تم اعتقال شقيقته الصغرى “سناء”.
– شفنا قبل كده وقائع شكوى وبلاغ للصحفية إسراء عبد الفتاح، صديقة سولافة والمسجونة بنفس قضيتها، ب اللي في ظهورها الأول أمام النيابة، كانت منهارة وعلى جسمها آثار ضرب وبلغت عن وقائع التعذيب اللي حصلت معاها، ووكيل النيابة بنفسه أقر بوجود آثار تعذيب بالنظر على ذراعها، لكن بدون اتخاذ أي إجراء لا مع حبسها بطريقة غير قانونية، ولا مع تعذيبها لإجبارها على فتح موبايلها.
– آلاف المعتقلين والمحبوسين احتياطياً من مختلف التيارات بيدخلوا هما وأهاليهم في دوامة مش طبيعية من المعاناة، من غير ما يكون مثبت عليهم أي جرايم أو أحكام، وإنما مجرد حبس احتياطي بسبب قضية معمولة في الأغلب بناء على مجرد محضر تحريات الأمن الوطني، ودا كفيل إنه يحبس صحفيين وأصحاب رأي وسياسيين وناس بسيطة، وربما الموضوع يوصل للأسوأ وإن المحبوس يقابل إهمال طبي في حال المرض، وببساطة ممكن يموت لأنه محدش هيهتم بصحته ولا بحياته، لا في نيابة ولا قضاء ولا أي شيء بينقذ من البطش دا.
– بالرجوع لسولافة هنلاقي كل دا بيحصل عملي معاها بعد ما تم تدويرها في قضية جديدة خلال حبسها يوم 30 أغسطس الماضي، واتجدد لها الحبس على ذمة القضية 855 لسنة 2020 بنفس الاتهامات المعتادة وهي مخرجتش من باب السجن ليوم واحد، وبتتعرض حاليا لانتهاك حقوقها كسجينة، ومنعها من العلاج لدرجة إنهم منعوا مجرد “بوكيه ورد” والدتها تدخله ليها رغم إن مفيش أي مانع قانوني.
*****
– الوقائع اللي ذكرناها دي مجرد أمثلة محدودة، واللي محدش في مصر بعيد عنها، وخلونا فاكرين مثلاً إنه “سولافة مجدي” اللي اتكلمنا عنها هي صحفية ومصورة، واتحبست هي وجوزها، بسبب تضامنهم مع صديقتهم إسراء اللي اتحبست ظلم برضه وكتابتهم عنها، مجرد كتابة على الفيسبوك، وفي نفس الوقت كان ممكن سولافة تخرج بسهولة لو وافقت تشتغل مرشدة حسب عرض الظابط اللي استجوبها.
– الحقيقة كمان إن التحقيقات المزعومة من وزارة الداخلية في انتهاكات سولافة لا أحد يعرف عنها شيء ولم تتم بالمسارات القانونية تحت إشراف النيابة ولا فيه كشف طبي على سولافة، وإنما الداخلية اكتفت بإلقاء اللوم على “الإخوان” بالطريقة المعتادة للهروب من أي مأزق.
*****
استمرار تجاهل ما يحدث بيضاعف الأزمة بس، لأن مش حقيقي إن كل الجهات اللي بترصد الانتهاكات دي “غير محايدة ومنحازة”.
– الواضح كمان إن أزمة النظام مع المعارضين المصريين السلميين، أو الصحافة الأجنبية والمجتمع الدولي لن تحل أبدا بسياسة الإنكار، لأن الواقع بيفضح نفسه، بسبب إن مفيش أي محاولات جادة لإيقاف سياسة الاعتقال السياسي التعسفي، أو حتى إيقاف الانتهاكات بحق المسجونين، وطول ما الانتهاكات دي بتتوثق هتفضل الانتقادات موجودة، لأن ببساطة السبب لسه موجود.
– لوائح السجون في مصر من غالبية الشكاوى لا تطبق، وبيتمنع المحبوس من أبسط حقوقه المنصوص عليها في القانون، بدون سبب إلا سياسة التكدير، فالحل بسيط جداً وهو إن يتم العمل باللوايح الموجودة على الأقل، يعني إعمال القانون بس مش مطلوب أكتر من كده.
– الحبس الاحتياطي بقى أداة اعتقال، مع إنه في القانون لا يعتبره عقوبة بذاته، وفي حالة سولافة وحسام جوزها اللي سايبين ابنهم الصغير، تحديداً القانون بيتيح في حالة “ثبوت الجريمة” على الزوجين وصدور حكم ضدهما في وجود طفل أن يرجأ تنفيذ الحكم على أحدهما لحين انتهاء الآخر من تنفيذه بما يحمي مصلحة الطفل، ودا في حالة ثبوت الجريمة، فما بالنا بمجرد حبس احتياطي اللي هو مجرد إجراء من إجراءات التحقيق، وعشان كده محامين سولافة كانوا بيأملوا في خرجوها قريبا ولو على ذمة القضية، لكن دا متمش للأسف.
– دخول القضاء في السياسة دي شيء بيُسقط من هيبته وبيفقد الناس الثقة فيه تماما، لأن كل الانتهاكات دي بتتم تحت سمع وبصر النيابة والمحاكم دون تحريك أي ساكن، وبكده بيتحول القضاء لمجرد أداة في إيد الأمن والنظام السياسي لمعاقبة المعارضين، ودا شيء مش في مصلحة مؤسسة القضاء اللي الناس تدريجيا بتفقد ثقتها فيه.
– ملف حقوق الإنسان هيظل ورقة توتر داخلي وخارجي ما دام مفيش إصلاحات حقيقية واعتماد سياسة “استعداء الجميع”، وأي مجهود بيبذل في إخفاء وتلميع الصورة لو ربعه فقط بذل في سبيل محاولة إصلاح واحدة وسياسة عاقلة في الملف، هيوفر كتير من أعمار الناس والمجهود والفلوس، وهيساعد في إيقاف الشرخ العنيف الحاصل في المجتمع.
– وهتبقى هنا تساؤلات وعلامات تعجب كتير على كلام إعلاميين زي عمرو أديب مثلا عن إن وضع البلد بقى يسمح ويستحمل أصوات معارضة من داخل مصر، طيب الناس تصدق دا إزاي، والواقع بيقول غير كده.
– نتمنى حد عاقل يسمع للكلام دا ويوقف الانتهاكات في حق سولافة ويخرجها لابنها وأسرتها وحياتها وكل اللي زيها، ونبدأ طريق جديد لبلدنا ميكونش فيه سجن على الرأي أو الموقف السياسي أو لمجرد شغل الصحافة.
*****