– الأسبوع اللي فات أقر مجلس النواب قانون جديد بعمل صندوق للطوارئ الطبية، والهدف المعلن منه زيادة الموارد لتمويل الطوارئ والرعاية المركزة والحوادث الكبرى وضحايا الحروق والأطفال المبتسرين.
– القانون تم تمريره بالأغلبية، مع وجود بعض الاعتراضات عليه. إيه أسباب إقرار القانون ده؟ وليه في اعتراضات عليه؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.
******
إيه مضمون القانون؟
– القانون بينص على استحداث صندوق جديد باسم ” الطوارئ الطبية” عشان يحل محل صناديق صحة الأسرة، اللي اتعملت بقرار وزاري سابق سنة 2003، مع توجيه فلوس الصناديق دي للصندوق الجديد، بالإضافة لتطوير موارد الصندوق بعدة بنود وموارد جديدة.
– الفكرة في الصندوق إنه يكون خارج إطار مخصصات الصحة اللي بتيجي من الموازنة العامة، ويكون ليه شخصية اعتبارية، وهيكل إداري متقسم لمجلس أمناء ومجلس إدارة ومدير تنفيذي، ويكون ليه استقلال مادي وإداري ويتبع رئيس الوزراء بشكل مباشر.
– يشكل مجلس أمناء الصندوق برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي (وينوب عن الرئيس في حال غيابه)، بالإضافة لكل من وزراء الصحة، والمالية، والتعليم العالي، والتضامن الاجتماعي، و 3 أعضاء من الشخصيات العامة وذوي الخبرة يختارهم رئيس مجلس الوزراء.
– أما مجلس إدارة الصندوق هيرأسه وزير الصحة أو من ينيبه، وبعضوية كل من: أحد قيادات وزارة الصحة المسئول عن تقديم الخدمات العلاجية، ممثل لقطاع الدواء بوزارة الصحة، ممثل للأمانة العامة للشؤون المالية والإدارية بوزارة الصحة، المستشار القانونى لوزير الصحة، ممثل عن اتحاد البنوك المصرية، ممثل لمنظمات المجتمع المدنى العاملة في المجال الصحي يرشحه وزير الصحة، مدير عام الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة، ورئيس الإدارة المركزية للجمعيات الأهلية بوزارة التضامن الاجتماعي، ممثل للهيئة العامة للتأمين الصحى، وممثل لكل من وزارات (الدفاع، الداخلية، المالية) يرشحهم الوزير المختص، وأمين عام المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، وأحد الخبراء فى مجال التكاليف الطبية يرشحه وزير الصحة والسكان.
*****
هتيجي منين موارد الصندوق الإضافية؟
– موارد الصندوق الإضافية هتكون من عدة بنود، زي فرض رسم 2% من سعر بيع مستحضرات التجميل المستوردة، و3% من سعر بيع المبيدات الحشرية المُعدة للاستخدام فى غير الأغراض الزراعية، وأرصدة حساب صندوق دعم الدواء، والمساهمات المالية للعلاج على نفقة الدولة، و 1 % من حصيلة الحسابات الخاصة بالقطاعات المختلفة بديوان عام وزارة الصحة ويستثنى من ذلك صندوق تحسين الخدمة ودعم البحوث المشتركة بوزارة الصحة، وأرصدة حساب صندوق مشروع القضاء على قوائم الانتظار للمرضى.
– بالإضافة للتبرعات والهبات اللي هيقبلها الصندوق من الأفراد والجهات، والمبالغ المالية اللي هيقدمها البنك المركزي واتحاد البنوك للصندوق، وعوائد استثمار أموال الصندوق، المبالغ المالية المخصصة لصالح صندوق تحسين أداء العمل فى الإدارات المشرفة على تنفيذ القانون بوزارة الصحة وإدارات العلاج الحر بالمحافظات.
– مع إعفاء جميع أموال الصندوق من كافة أنواع الضرائب والرسوم والضريبة على القيمة المضافة باستثناء الضريبة المفروضة على الأذون والسندات.
طيب الفلوس اللي هتتجمع دي هيتعمل بيها إيه؟
– لو فاكرين اللي قلناه عن ” صندوق الوقف الخيري” هو تقريبًا نفس الفكرة، يعني يتم جمع الأموال دي عشان تحقق رقم كبير، وبعدين يتم استثمارها في بعض الأوراق المالية، وفقًا لرؤية مجلس الإدارة، وكفاءة المدير التنفيذي للصندوق، واللي في الأغلب هيكون شخصية من المجال الاقتصادي اللي عندهم خبرات في إدارة المحافظ المالية والاستثمارية.
– وبالتالي الفوائض المالية اللي هيحققها الصندوق بشكل سنوي، نتيجة الاستثمار في أذون الخزانة والسندات وبعض الأسهم للشركات اللي عندها أداء مالي مستقر، هيتم توجيهها لأهداف الصندوق الرئيسية اللي قلناها، سواء في قوائم الانتظار الطبية، أو مواجهة الطوارئ الطبية اللي ممكن تحصل في أي وقت.
هل فكرة الصندوق هتقدم حلول لأزمات الصحة في مصر؟
– أولاً بالتأكيد بشكل عام أي زيادة تمويل بيتم ضخها في قطاع الصحة هيا شيء إيجابي، لأنه في النهاية في احتياج كبير جداً لمضاعفة الميزانية الحالية، وللأسف الحكومة كل سنة بتتلاعب في الاشتراطات الدستورية وبتصرف عليها أقل من 3 % من الناتج المحلي الإجمالي كما شرحنا سابقا.
– عشان كده بنلاقي مستشفيات كتير من غير دكاترة لأن الأجور مش كفاية، ومن غير أجهزة جديدة لأن مفيش ميزانية كفاية، وأحياناً من غير مستلزمات طبية ودوائية كتير، وبالتالي كتير من المصريين بيفضلوا العلاج في المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة، وكتير من الأطباء بيستقيلوا من الحكومة للعمل بالخارج أو بالقطاع الخاص.
– لكن فكرة الصندوق مش بتقدم حل كامل للمشكلة، لكن الحكومة بتتحايل عليها عن طريق فرض رسوم على المواطنين وسحب تبرعات لقطاع الصحة اللي المواطنين أساسا بيمولوه بضرائبهم، والحكومة هي اللي مش راضية ترفع ميزانية القطاع وتوصلها للنسبة الدستورية لوجود أولويات أخرى.
– وده مش رفض لفكرة تطوير الفلوس والاستثمار فيها من خلال موارد ذاتية متجددة، لكن رفض لفكرة إنه الموازنة اللي بتتمول من الضرايب والديون اللي بندفعها كلنا، يتم تقسيمها بشكل غير عادل ومبتروحش منها مخصصات كفاية للتعليم والصحة والخدمات، وعشان الحكومة تحل جزء من المشكلة تقوم تخلق كيان خارج الموازنة تخصص له رسوم تانية.
طيب إيه البديل؟
– فيه نواب أثناء المناقشة قالوا كلام فيه منطق، زي النائب سامح عاشور اللي سجل رفضه لمشروع القانون، وقال: “رغم كل النوايا الحسنة الخاصة بإصدار القانون، ولكنه تكرار لاختصاصات وزارة الصحة المنصوص عليها في الدستور، وجاء عوضاً عن توجيه الدعم المالي للوزارة من موازنة الدولة لمواجهة الأزمات، وأداء مهامها”.
– وكان فيه اقتراح من النائبة هيام فاروق اللي قالت: “لا تخفى على أحد خطة الدولة لمواجهة الأزمات، وليس تعقيدها، والحل هو توجيه الموارد المالية لصندوق الطوارئ الطبية من الخزانة العامة، من دون إضافة أعباء جديدة على المواطنين”.
وكمان النائب أحمد الشرقاوي حذر من استمرار أزمات نقص الأكسجين في المستشفيات زي مستشفى التأمين الصحي في المنصورة، وقال “المستشفى لا تستقبل حالات إصابة بفيروس كورونا بسبب عدم توفر الأكسجين بها والمسؤولين في وزارة الصحة يعلمون جيداً تفاصيل هذه الأزمة، ولا يسعون لحلها. وقطاع الصحة من القطاعات الهامة التي لا بد وأن تحظى بأولوية في اهتمام الدولة، ولذلك أعلن رفضي لمشروع القانون”.
– لكن اعتراضات الشرقاوي وغيره مغيرتش من القانون في شيء، رغم إنها بتشاور على المكان الحقيقي للمشكلة، وبالتالي فيه استمرار للتلاعب بحق المواطنين في ميزانية بتراعي الحد الأدنى من المخصصات للصحة والتعليم، مقابل زيادة مخصصات الجهات السيادية والوزارات.
– فالحل زي ما قولنا هو عدم الهروب من مسؤولية تطوير المنظومة الصحية ككل بالإنفاق عليه أكتر من خلال زيادة موازنتها، وحل باقي مشاكل السياسات العامة في القطاع الصحي، بدل من إثقال كاهل المواطن في وقت اقتصادي صعب بسبب جائحة كورونا.
*****
– وفي النهاية، مع التقدير لايجابيات حقيقية حصلت زي علاج فيروس سي وحملة 100 مليون صحة، نتمنى إنه الحكومة تهتم أكتر بملف الصحة، بشكل جذري ودائم عبر تغيير سياسات مش حلول جزئية، وتحل أزمات تكليف الأطباء والصيادلة ومرتبات الفريق الطبي، وأزمات نقص التجهيزات الطبية وغيرها، لأنه ببساطة مفيش شعب هيكون منتج ويعمل نهضة اقتصادية بدون رعاية صحية سليمة.