– في الوقت اللي كان الكثير من المهتمين بالسياسة والمجال العام في مصر مستنين تجديد تلقائي لحالة الطوارئ من قبل البرلمان، أعلن الرئيس السيسي إنهاء حالة الطوارئ في مفاجأة سارة لكثير من المصريين.
– طول 4 سنين وشوية عمر البرلمان ما رفض تجديد حالة الطوارئ مرة واحدة من وقت ما اتفرضت في أبريل 2017، بعد الهجوم الإرهابي على كنيستين في طنطا وإسكندرية، بالتالي الخبر كان مفاجئ جدا، لكن لازم نشيد بيه
– لكن لازم نعرف إن اللي كان بيتم (تمديد الطوارئ) هو تحايل على الدستور بتاعنا اللي بيمنع أساسا فرض حالة الطوارئ لأكثر من 6 شهور ورا بعض بدون موافقة البرلمان، وبالتالي اللي كان بيتم هو إلغاء حالة الطوارئ لمدة يوم واحد، ثم يُعاد فرضه في اليوم التالي له مباشرة، وده الوضع اللي كان ماشي من 2017 لحد إمبارح.
– إنهاء حالة الطوارئ شيء مهم جداً وإيجابي جدا لصورة مصر بره، وعشان كده الصحافة الأجنبية كلها تقريبا تابعت الأخبار دي باهتمام، طبعا في أي لحظة ممكن يتم إعادة فرض حالة الطوارئ مرة أخرى (ودا منتمنهوش أبدا) لكن يظل ده تطور إيجابي جدا، لأنه من 1981 منذ اغتيال الرئيس السادات والبلد دي معاشتش كثير بره حالة الطوارئ.
– ايه اللي هيترتب على إنهاء حالة الطوارئ في مصر؟ وليه ده إجراء مهم ؟ وإيه الخطوات المكملة الضرورية للقرار ده؟
إيه المترتب على قرار إنهاء حالة الطوارئ؟
– بعد إنهاء حالة الطوارئ من المفترض أنه يحصل تطورات إيجابية في ملف التقاضي وخاصة للناس اللي كانت متأثرة بحالة الطوارئ، واللي كانوا بيحالوا بحكم قانون الطوارئ لمحاكم أمن الدولة طوارئ.
– بعد انتهاء حالة الطوارئ، هتفضل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا اللي أحيلت إليها قبل إنهاء حالة الطوارئ، بحسب المادة 19 من قانون الطوارئ وده اللي ذكره المحامي خالد علي على صفحته.
– عدم الإحالة لمحكمة أمن الدولة طوارئ لا يكون فقط للقضايا التي مازالت قيد التحقيق، – وفيه هنا خلاف قانوني لأن بعض المحامين بيقولوا إنه حتى القضايا المحالة بالفعل إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، يجب أن يتم إحالتها إلى المحاكمات العادية بعد رفع حالة الطوارئ، طالما لم يصدر فيها حكم حتى الآن، دا استنادًا إلى قاعدة وجوب تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
– لكن لو حصل واتقبض على حد جديد فيفترض إنه يحال للمحاكم العادية، الجدير بالذكر أنه محاكم أمن الدولة طوارئ أحكامها نهائية لا يجوز الطعن عليها، لأنه بحسب المادة 12 من قانون الطوارئ “لا يجوز الطعن على أحكام محاكم أمن الدولة، بأي وجه من الوجوه، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية”.
– الجرائم اللي قيد التحقيق واللي لم يحال فيها المتهمون إلي محاكم أمن الدولة طوارئ هتروح للمحاكم العادية، يعني ده قرار هيفيد الكثيرين ممن هم في الحبس الاحتياطي حاليا.
– أما بالنسبة لقضايا الطوارئ اللي قرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها، تنص المادة 20 على أن تعاد المحاكمة فيها وفقا لهذا القانون، أي أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، كما حدث في مرحلة التقاضي الأولى.
– بجانب التسهيلات اللي المفترض تحصل في التقاضي، واللي من المفترض يعني أنها تخلي مفيش توسع الفترة القادمة في استخدام الحبس الاحتياطي للمعارضين كسلاح ففيه حاجات تانية إيجابية للمواطن العادي في إلغاء حالة الطوارئ.
– مثلا دلوقتي مش من حق الأجهزة الأمنية القبض على أي شخص، لو تم الشكّ فيه، دون موافقة من النيابة العامة يعني لازم إذن نيابة.
– كذلك الداخلية مكنتش ملتزمة بعرض المتهمين على النيابة خلال 24 ساعة، وكان من الممكن أن يبقى الشخص قيد الحبس دون تحقيق أو توجيه اتهامات لأسابيع وشهور.
– المفروض حقوق التجمع والانتقال ترجع كما ينظمها الدستور، وإن كان ده هيبقى في مشكلات أخرى في قوانين تانية زي قانون التظاهر اللي بيحظر تجمع أكثر من خمس أشخاص وقانون التجمعات اللي اتعمل وقت كورونا.
– المفروض كمان تتشال كافة أشكال الرقابة على الصحف والإعلام، بس ده حاجة مش عارفين هتحصل إزاي، لأنه في مصر غالبية الإعلام ظاهرياً مش رسمي مراقب يعني لكنه مملوك لشركات تحت سيطرة “جهات سيادية”.
– المفروض ممارسات زي تفتيش التليفونات في مناطق زي وسط البلد، واقتحام البيوت وغيرها تنتهي لأنه دي كانت ممارسات الداخلية بتقول عليها جايه من قانون الطوارئ.
– وهنا لازم نقول إن كل دا مرهون بتنفيذ وامتثال الأجهزة الأمنية لتطبيق رفع حالة الطوارئ بكل الخطوات اللي قولناه دي.
– ناس كثير من المتابعين شايفين أنه الأمر تحصيل حاصل وفيه عدم التزام بالقانون، والناس بتتحبس احتياطي لمدد غير قانونية بعد تجاوز السنتين، وفيه إجراءات بتضرب في استقلال القضاء، بالتالي شايفين رفع حالة الطوارئ هو مجرد إجراء شكلي.
– والحقيقة ممكن يكون الناس دي محقة في بعض من نظرتها للأمور، لكن ده لا ينفي أننا قدام حدث مهم جدا في تاريخ العلاقة بين الدولة والمواطنين في مصر، وإن دي خطوة يجب البناء عليها، وطالبنا هنا في الصفحة كتير برفع الحالة الطوارئ.
– قانون الطوارئ في مصر هو المصوغ القانوني الأهم لإجراءات القمع اللي بتتخذ ضد المواطنين سياسيين أو غير سياسيين، وشوفنا بعد يناير إزاي كان إنهاء حالة الطوارئ على رأس المطالب.
– بالأساس حالة القمع، وتغول الأمن على حقوق المواطنين والسياسات الأمنية العنيفة تجاه المواطنين من قبل الشرطة مكنتش بالشكل ده ولا بالوضوح ده إلا بعد في ظل الطوارئ، وتجذرت كممارسة معتادة وطبيعية في مصر بعد التسعينات والحرب على الجماعات الإسلامية، لذك نزع المصوغ دا شيء مش هين في طبيعة وبنية الدولة عندنا، ولازم نفهم دا كويس قبل ما نقول الأمر شكلي وبس.
– قانون الطوارئ وحالة الطوارئ بالمعنى القديم بتاعه أحد الأسباب اللي أسست عنف الدولة والحكومة وتغول الداخلية بالتالي إنهائها حتى لو محتاج كثير من الإجراءات المكملة هو إنجاز كبير وتطور مهم جدا، محتاجين نفهمه في سياقات أوسع.
– وكمان شيء مهم جداً رفع حالة الطوارئ هو اعتراف رسمي من الدولة والنظام إن البلد دخلت حالة من الاستقرار ومفيش تهديد ولا فزاعات للمواطن، وبالتالي المناداة بفتح المجال العام مش ترف ولا مفروض يترد عليها بإننا في حالة خطر داهم، وكمان نقدر نتابع على الأرض ايه الواقع بعد رفع الطوارئ ونطالب بمزيد من التحسين في ملف حقوق الإنسان وغيره.
ايه الخطوات المكملة؟
إنهاء حالة الطوارئ يحتاج معاه عديد من الخطوات المكملة لفتح المجال السياسي في مصر، وعشان نقول فعلا إن دي كانت بداية الطريق، وهنفضل نطالب بيها زي ما طالبنا قبل كده برفع الطوارئ.
الخطوات المكملة المطلوبة ممكن نلخصها في الآتي:
1- إعادة النظر في المنظومة القانونية اللي بتساعد على القمع في مصر زي قانون التظاهر، قانون المجتمع المدني، قانون الجرائم الإلكترونية، قانون الإرهاب وغيره، بحيث تتعدل كلها لتصبح متوافقة مع حقوق الإنسان وتحترم الدستور.
2- إعادة النظر في السياق السياسي الحالي وأهداف النظام من إدارة العملية السياسية واللي لازم تتحول من السيطرة الكاملة على العملية السياسية وإنشاء أحزاب شكلية، لإعطاء مساحة أكبر للمعارضة السلمية وللصوت الآخر بدون اتهام أو تخوين.
3- التوقف عن السياسات المتبعة في ملف الإعلام واحتكار شركات تابعة لجهات سيادية على ملف الإعلام وإتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي وسماع صوت تاني.
4- التوقف عن الإجراءات اللي بتنال من استقلال القضاء، وإعادة محاكمات كثير من اللي الناس خدت فيها أحكام ظالمة بدون إجراءات تقاضي سليمة، والحرص على عدم التدخل في مسار القضايا وخاصة القضايا السياسية من قبل السلطة التنفيذية ممثلة في أجهزة زي أمن الدولة أو غيرها.
5- إصلاح شامل لمنظومة العدالة وإنفاذ القانون في مصر يشمل إصلاح وزارة الداخلية والعدل والمجالس القضائية المختلفة، ودا ممكن يحصل بشكل تدريجي لو فيه إرادة فعلا.
– كل الإصلاحات دي مش ممكن تتم سوى في سياق ديمقراطي وإرادة حقيقية من السلطة السياسية في مصر لعمل انتقال تدريجي نحو الديمقراطية، كمان 3 سنين في انتخابات رئاسية ممكن في خلال الفترة دي تتمرر إصلاحات كثيرة وينزل الرئيس السيسي الانتخابات في سياق ديمقراطي في أكثر من مرشح واللي يختاره الشعب المصري يكمل.
– في ناس ممكن تشوف المناشدات دي حالمة أوي أو متفائلة أكثر من اللازم في السياق الحالي، لكن في النهاية المناشدات دي لفتح المجال السياسي وإطلاق الحريات السياسية والإفراج عن المحبوسين نابعة من إيماننا بأهمية الديمقراطية وأنها الطريق الوحيد اللي منعرفش غيره لحد دلوقتي لتقدم البلد دي لقدام، ولتقليل الاحتقان الاجتماعي، ولإدارة الخلافات.
– بنسمع كل يوم عن الجمهورية الجديدة ومراحل مختلفة جاية، وهنا لازم نقول إن كلنا بنتمنى الخير لبلدنا وإن الكلام دا يكون صحيح، ونتمنى يكون في أصوات عاقلة تدرك أنه الوضع لا يمكن يستمر كده لأبد الدهر وأنه الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي مش هيجي غير بحد أدنى من الإصلاح في المجال العام.