– وزارة الصحة أعلنت من أسبوع عن رصد حالات إصابة بمتحور دلتا (المتحور الهندي من فيروس كورونا) من منتصف شهر يوليو، وحالات أخرى من متحور دلتا بلاس (النسخة اللي تحورت من دلتا)، بعد ما نفت هي ومسؤولين في وزارتها أكتر من مرة وصول دلتا.
– الإعلان ده تزامن مع الإعلان عن بدء موجة رابعة من الفيروس في مصر، مع تصاعد أعداد الإصابات والوفيات. الحكومة أعلنت أيضا عن التطعيم الإجباري للموظفين وطلاب الجامعات، ومنع دخولهم للجامعات أو مقرات العمل في حالة عدم حصولهم على اللقاح مع انتهاء المهلة المحددة بالشهر القادم.
– في البوست ده هنتابع مع بعض آخر تطورات الوباء في مصر، وطريقة التعامل الحكومية معاه.
*****
إيه خطورة المتحور دلتا والتعامل الحكومي معاه؟
– دلتا هو أبرز طفرات فيروس كورونا، ظهر في الهند، أعراضه قريبة من الأعراض المعروفة عن الفيروس، لكن يتميز بقدرته الهائلة على الانتشار.
– دول كتير بتعلن أول بأول عن وصول دلتا لتحذير الناس منه، والتشديد على الالتزام بالإجراءات الوقائية. لكن الغريب إن مصر فضلت تنفي رصد أي حالات إصابة بدلتا، رغم إنهم كانوا متأكدين من وصوله.
– وزيرة الصحة شخصيا نفت في نصف يوليو الماضي وصول دلتا، لكن رجعت وأكدت يوم الاتنين إن دلتا موجود من نصف شهر يوليو، وبتبرر إخفاء المعلومة بأن الأعداد اللي رصدت كانت قليلة وإصابتهم متوسطة، وتناست تماما مسؤوليتها عن تحذير الناس من العدوى.
– الإعلان عن وصول دلتا جاء ردا على سؤال صحفي كان حاضر المؤتمر الأخير للوزارة، ومش عارفين كانت الوزيرة هتفتكر تنبه الناس إمتى لو ماكنش الصحفي سأل.
– دا في الوقت اللي 142 دولة أبلغت عن ظهور السلالة الجديدة من كورونا “المتحور دلتا”، بما في ذلك ثلثا بلدان إقليم شرق المتوسط.
– دا بالإضافة لإن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية، محمد عوض تاج الدين، أكد الشهر دا عدم ظهور متحور دلتا في مصر، بس فقط قال إنه “هيجي هيجي”، طيب هل مكنش يعرف بالمعلومة من وزيرة الصحة؟
*****
حملة التطعيمات وصلت لفين؟
– حتى الآن مصر طعمت 7.5 مليون مواطن (معظمهم بالجرعة الأولى فقط) من أصل 10 ملايين تقدموا بطلب الحصول على اللقاح.
– اللقاحات المتاحة في مصر حاليا هي سينوفاك، ،هو لقاح صيني بدأ تصنيعه في مصر. فيه أيضا لقاحات أسترازينيكا الانجليزي، وده مخصص للجرعات الثانية لمن حصل على جرعة أولى من نفس اللقاح. اللقاح متوفر أيضا للمسافرين ضمن مجموعة لقاحات زي جونسون آند جونسون الأمريكي ذو الجرعة الواحدة.
– حملة التطعيمات كانت بطيئة أو شبه متوقفة الشهر اللي فات بسبب نقص اللقاحات، لكن عادت للنشاط مرة تانية مع وصول لقاحات جديدة من مبادرة كوفاكس العالمية، وبدء تصنيع اللقاح الصيني في مصر.
– رئيس الوزراء ووزيرة الصحة بيقولوا إن الحكومة تستهدف تطعيم 40 مليون مواطن قبل نهاية السنة. طب إزاي الهدف ده ممكن يتحقق؟ بيقولوا إن تصنيع اللقاح في مصر هيخلي عندنا لقاحات متوفرة أكتر من عدد المستهدفين بالتطعيم خلال الفترة دي، وبالفعل فيه 15 مليون جرعة متوفرة.
– مع التأكيد على أهمية الحملة، لكن ده بيطرح سؤال عن القوى البشرية اللي تقدر تنفذ وتنظم الحملة بالشكل ده، خصوصا مع اللي شوفناه من تكدس أمام بعض مراكز التطعيم وخاصة مثلا في حالة المسافرين، وانتظار يدوم لساعات طويلة.
– حسب مصادر طبية اتكلمت مع موقع مدى مصر، الحكومة بتلجأ لنظام موازي لتطعيم الناس خارج مراكز التطعيم، وتم من خلاله تطعيم نصف الحاصلين على اللقاح الآن. النظام ده معتمد على تطعيم الناس في مؤسسات رسمية معينة، زي البرلمان وبعض الوزارات، والعاملين في قطاع السياحة، وهيمتد ويشكل كل موظفي الحكومة وطلاب التعليم العالي.
– النظام هيعتمد على تطعيم الأفراد في الجهات دي، من خلال الإدارات الطبية فيها. أولوية التطعيم داخل كل جهة غير واضحة، وفي أغلب تعتمد على كشوفات تعدها الجهات نفسها لتطعيم موظفيها. ده ممكن يفتح الباب للمحسوبيات في ظل غياب المعايير، وإهدار حق كبار السن وأصحاب الأمراض في الحصول على اللقاح أولا، خصوصا مع تأكيد مصادر لـ مدى مصر على حدوث ده بالفعل.
– أيضا لازم نتكلم على تحصيل رسوم على عملية التطعيم، تحت مسميات مختلفة. على سبيل المثال، المسافرين لازم يدفعوا 350 جنيه عشان يقدروا ياخدوا شهادة تثبت حصولهم على اللقاح. ولنفس السبب الطلبة هيدفعوا 25 جنيه. من بداية حملة التطعيم والوزارة كانت بتحاول فرض رسوم على تطعيمات أغلب المواطنين، لكن قوبلت باعتراضات كتير، على اعتبار إنها مش المفروض تحصل رسوم على أداء دورها في مواجهة وباء عالمي، لكن دلوقتي مش بتفوت فرصة لفرض رسوم على ما يتعلق باللقاح.
– في النهاية فيه جهود بُذلت في ملف توفير اللقاحات حتى وإن كانت متأخرة، لكن إدارة عملية التلقيح حتى الآن بيشوبها قصور كبير، بيخلي المعدل متأخر جداً في ظل انتشار متحورات.
*****
نشوف ايه من دا كله؟
– مع دخول البلاد موجة رابعة من انتشار كورونا، احتمالية تسارع انتشار الفيروس بتزيد في ظل وجود المتحور دلتا، في وقت مصر لغت فيه معظم الإجراءات الاحترازية، ومافيش التزام حتى بلبس الكمامات أو الحفاظ على مسافات آمنة بين الناس في معظم الأماكن العامة والخاصة في مصر.
– لدرجة إنه قبل يوم واحد من إعلان وزيرة الصحة عن انتشار المتحور الجديد، انتقد رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب أشرف حاتم طريقة إدارة الحكومة ملف الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء، وقال إن التشدد والتساهل في تطبيق الإجراءات بيتم على حسب الطبقة الاجتماعية.
– في ظل الوضع ده، ضروري نحذر من السيناريو الهندي اللي نشأ فيه المتحور دلتا، لما عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية تسبب فيه آلاف من حالات الوفاة وملايين الإصابات، وشوفت صور وفيديوهات للمرضى على الأرصفة اللي مش لاقيين مكان في المستشفيات أو أنابيب أكسجين، وكتير من المرضى ماتوا أثناء انتظار الحصول على الحد الأدنى من الرعاية الطبية.
-ده بيأكد أهمية تسريع حملة توزيع اللقاحات، لكن ده لوحده مش كفاية، لإننا بنتكلم على 4 شهور الحكومة هتطعم فيهم 40 % من السكان، ولحد ما ده يحصل، فأغلب الناس معرضين للإصابة، والبعض معرضين لمضاعفات خطيرة بسبب الإصابة وممكن توصلهم للموت، يعني لازم يكون فيه إجراءات وقاية تفرضها الحكومة قدر المستطاع ويلتزم بيها الناس.
– التحذير من قصة كورونا يمكن بقى مكرر، لكن فعليا أهميته ممكن نشوفها من كل الدول اللي أنجزت نسب تطعيم معقولة، وما زالت خايفة من المتحورات، وبنشوف يوميا دراسات بتنشر عن نسب فعالية اللقاحات مع المتحورات الجديدة، واللي للأسف بتقل، فما بالك بالبلدان اللي لسه ما أنجزتش نسبة تطعيم جيدة بالنسبة لعدد السكان زي مصر تحديداً.
– الشفافية جزء من إدارة الأزمة والإنكار هيتسبب في إهمال، وبالتالي إزهاق أرواح ناس كان ممكن ننقذها لو وفرنا المعلومة للجمهور ومعاها التوعية، لكن اللي حصل من وزيرة الصحة دا شيء يستوجب الحساب، ومجلس النواب يفترض ياخد الخطوة دي، ومش كفاية أبداً انتقاد أداء الحكومة في التليفزيون من قبل رئيس لجنة الصحة في البرلمان.
– دور الرقابة على أداء الحكومة هو الأهم في الفترة الحالية، والبرلمانات اللي بتعبر عن الشعوب دا الوقت المناسب لأنها تمارس دورها في ظل وباء عالمي، لكن للأسف مش شايفين الدور دا بيحصل بالشكل المطلوب في أزمة كورونا، في ظل تخبط واضح في الأداء والتصريحات.
– نتمنى السلامة لكل أهالينا في مصر، ومش هنمل من التذكير بمسألة الإجراءات الاحترازية -قدر المستطاع والمتاح- لتقليل خسائرنا في أحبابنا من جراء الفيروس اللعين دا، والأهم كمان التقدم للحصول على التطعيم بأي طريقة متاحة سواء التسجيل أو عن طريق توفير المؤسسات.