محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حكمت ببطلان توقيع الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، وحسب نص الحكم تستمر جزيرتي تيران وصنافير “ضمن حدود الدولة المصرية، واستمرار السيادة المصرية، عليهما، وحظر تغيير وضعها بأى شكل أو إجراء لصالح أى دولة أخرى.”.
الحكم صدر برئاسة المستشار يحي الدكروري، نائب رئيس مجلس الدولة..
*****
من حيثيات حكم بطلان نقل تبعية تيران وصنافير للسعودية نقلا عن صفحة القسم القضائي بجريدة الشروق:
– أعمال السيادة ليست نظرية جامدة وإنما تتسم بالمرونة وتتناسب عكسياً مع الحرية والديمقراطية، فيتسع نطاقها في النظم الديكتاتورية ويضيق كلما ارتقت الدولة في مدارج الديمقراطية.
– لم تحدد نصوص قانوني مجلس الدولة والسلطة القضائية تعريفاً جامعاً مانعاً لما سمي بأعمال السيادة، أو الضوابط والعناصر التي يستدل بها عليها.
– القضاء وحده هو الذي يقرر في كل حالة على حدة ما يدخل ضمن أعمال السيادة وما يخرج عنها.
– الدعوى تتعلق بصحيح تطبيق نص المادة ١٥١ من الدستور ومدى مشروعية التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود بما ترتب عليها من التنازل عن الجزيرتين المذكورتين، وذلك في ضوء النصوص القانونية واللائحية والاتفاقيات التي تحكم وضعهما والظروف التاريخية والواقعية المحيطة بهما.
– المادة ١٥١ من الدستور تتضمن حظراً شاملاً لتوقيع أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، ويمتد هذا الحظر إلى السلطة التنفيذية.
– جميع القرارات والاعتبارات القانونية والتاريخية التي تأكدت منها المحكمة بواسطة مراجع رسمية قدمها الطاعنون تثبت مصرية الجزيرتين.
– الواقع الحاصل على الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية تمارس على الجزرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة، لا يزاحمها في ذلك أحد، لدرجة أن مصر ضحت بدماء أبنائها دفاعاً عن الجزيرتين، وهو ما يفصح إفصاحاً جهيراً عن أنها أرض مصرية.
– نزولاً على ما تقدم فإنه من المقطوع به الآن أن كلا الجزيرتين أرض مصرية من ضمن الإقليم البري لمصر، وتقعان ضمن حدود الدولة المصرية، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة، وتخضع الجزيرتان للقوانين واللوائح المصرية.
– ترسيم الحدود البحرية مع أي دولة لا يتصل إقليمها البري بالإقليم البري المصري لا يجوز أن يمتد أثره إلى جزء من الإقليم البري المصري الذي يشمل جزيرتي تيران وصنافير.
*****
ليه أصدرت المحكمة الحكم ده؟
لأنه طول فترة نظر الدعوى كان المحامين المدعين، وعلى رأسهم المحامي خالد علي، بيستعرضوا عشرات الدفوع القانونية، والوثائق والشهادات، لتأكيد مصرية الجزر، بينما ممثل الدولة لم يعرض وثيقة واحدة ولا ناقش الموضوع إطلاقا، فقط تمسك بمطلب واحد هو إن المعاهدات من “أعمال السيادة” التي لا تخضع لرقابة القضاء.
يعني حتى قدام القضاء الدولة تمسكت بنفس أسلوب إدارة الموضوع بالسرية الكاملة، وعدم طرحه للنقاش أصلا!!
ده غير إن عدم التعامل مع موضوع الدعوى فيه نوع من التعالي من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
*****
هل سيتم عرض الاتفاقية على مجلس النواب؟
بعد الحكم الصادر اليوم تم إلغاء توقيع الحكومة على الاتفاقية أصلاً، وبالتالي لن يتم عرضها على المجلس.
*****
هل من الممكن إلغاء الحكم؟
هنا لازم نفتكر قصة قديمة حصلت، لما صدر حكم محكمة القضاء الإداري في ١٨ نوفمبر ٢٠٠٨ بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، لإضراره بالاقتصاد المصري لان البيع بقيمة أقل من السعر العالمي وثابتة لمدة ٢٠ عام .. ممثل حكومة أحمد نظيف تمسك طول المحاكمة برضه بأن دي من “أعمال السيادة”، مقدموش اي دليل إن السعر عادل مثلا.
وفي ٦ يناير ٢٠٠٩، أصدرت المحكمة حكم ثاني بالاستمرار في تنفيذ وقف تصدير الغاز لإسرائيل.
لكن في ٢٧ فبراير ٢٠١٠ استجابت المحكمة الادارية العليا لطعن الدولة، وصدر قرار بإلغاء الحكم الأول، وذلك لعدم اختصاص القضاء باعتبار الاتفاقية “عملا من أعمال السيادة”.
يعني من الناحية القانونية البحتة من حق الدولة أن تطعن، ووارد تحصل على حكم برضه لا يؤكد ولا ينفي موضوع القضية لكن يتركها للرئاسة والحكومة لانها “من أعمال السيادة”، لكن من الناحية السياسية دي هتكون سابقة غريبة ومخجلة جداً إن دولة تطعن ضد حكم قضائي عشان تثبت إن جزء من أرضها ينتمي لدولة أخرى!!
وبعيدا عن الناحية السياسية، برضه من الناحية القانونية حتى لو صدر الحكم ده لصالح الحكومة، فهو مش هيقول ان الجزر سعودية والاتفاقية سليمة، لكن هيقول فقط ان ده “من أعمال السيادة” الخارجة عن اختصاص القضاء، وهنا هنرجع لنص الدستور في المادة ١٥١ اللي بتنص على أنه “يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة” .. يعني مش هيكون ساعتها الاجراء القانوني الدستوري هو العرض على البرلمان، بل هيكون الاستفتاء الشعبي، وهتتحول المطالبة بيه للهدف الجديد لجهود المعارضين للاتفاقية.
*****
إيه هي الآثار السياسية لهذه القضية؟
مئات الشباب اتقبض عليهم سواء من القهاوي أو من البيوت أو من المظاهرات بالشارع، وذلك بتهم الدعوة للتظاهر وإشاعة أخبار كاذبة، اللي هيا إن الجزر مصرية .. طيب أهو القضاء قال إن الأخبار صادقة!
أغلبهم خرج بحمد الله، ومنهم ٤٧ مواطن دفعوا اجمالي ٤ مليون و٧٠٠ ألف جنيه تم جمعها من مصريين شرفاء متضامنين .. لكن لسه فيه آخرين بالسجون، منهم المحامي مالك عدلي اللي كان أحد المدعين في القضية!
كمان الصحفيان عمرو بدر ومحمود السقا لسه معتقلين، والقبض عليهما من داخل النقابة أدى بدوره لأزمة أخرى، فيها نقيب الصحفيين حالياً يخضع للمحاكمة لأول مرة في التاريخ بتهمة التستر على مطلوبين!
نتمنى إن حكم النهاردة يكون له دور إنه يظهر أي صوت عاقل لوقف الإجراءات القمعية اللي حصلت ضد كل من له رأي مختلف، والمعتقلين بسبب الموضوع ده يخرجوا، وقضية نقيب الصحفيين تنتهي.
ونفتكر هنا إن الحملة الأمنية بدأت بعد تصريح الرئيس السيسي اللي قال فيه عن موضوع الجزر “أرجو إن الموضوع ده منتكلمش فيه تاني .. انتو بتسيئو لنفسكم”!
الرسالة الأهم من حكم النهاردة هيا إنه مفيش موضوع يخص كل مصري مطلوب محدش يتكلم فيه، مفيش تأييد أعمى لأي حاجة ولا رفض أعمى لأي حاجة، دايماً هنفكر ونتناقش ونتكلم.
شكراً للمحامين اللي ترافعوا في القضية، ولكل بطل صمم يعلن رأيه الوطني وضحى عشانه ودفع التمن، ولكل مصري تضامن مع القضية ولو بقلبه.
*****
اللي حصل خلال الأسابيع اللي فاتت كان مثال مهم في العمل الجماعي، وتحديد أهداف واضحة ومحددة للعمل السياسي والجماهيري في مصر.
محامين محترمين اشتغلوا مع باحثين ومتطوعين علشان يجمعوا الأدلة المكتوبة من دراسات قانونية وأكاديمية وشهادات تثبت مصرية الجزيرتين.
عشرات العاملين بأجهزة الدولة بدءا من وزارة الخارجية لهيئات زي دار الوثائق القومية وهيئة المساحة اشتغلوا في صمت علشان يوضحوا مصرية الجزيرتين، من خلال إرسال الوثائق للمحامين ولجهات إعلامية، ومن خلال الإدلاء بآرائهم في الصحف ومواقع الإنترنت.
مئات المصريين الجدعان اتبرعوا ضمن عمل جماعي عظيم علشان يدفعوا كفالة الشباب المحبوس.
– ده العمل الجماعي اللي بيه مصر هتتغير للأفضل، عمل جماعي بيشارك فيه الجميع بهدف واضح ومحدد ونشاط بنَفَس طويل، لا يتوقف غير بنجاحنا في تحقيق أهدافنا.
– عمل جماعي هدفه قضايا عليها اتفاق بين كل المصريين مهما كانت انتماءاتهم السياسية والحزبية أو حتى لو مكانوش مسيسين..
– عمل جماعي أساسه فكرة نقدر نشتغل عليها كلنا، فيه حد يختلف على ملكيته لأرضه؟ طيب لو كملنا السطر لآخره.. فيه حد مننا هيختلف على مبدأ إن كرامة المصريين أولوية لكل نظام سياسي؟ وإن التعذيب والاختفاء القسري جرايم؟ حد فينا هيختلف على إن العدالة الاجتماعية حق للجميع؟ ومين فينا هيختلف على إن أزمة سد النهضة مثلاً أثرها خطير علينا كلنا؟
العمل الجماعي دا هوا اللي بنحاول نعمل زيه في صفحة الموقف المصري، عشرات الباحثين في كل التخصصات، وعشرات المتطوعين اللي بيساهموا، بدون ما تظهر أساميهم أو حد يشكرهم، بوقتهم وجهدهم وفلوسهم – ومنها إعلانات الصفحة اللي دايما بنتسأل عنها – علشان يغيروا مصر للأفضل، بيكتبوا معلومة أو بيشاركوا بفكرة، بيقترحوا حملة أو مناسبة نكتب فيها.. الفريق بيكبر كل يوم وروح العمل الجماعي هيا الأساس.. هيا اللي نتمنى تنتشر في كل مكان وبكل المواضيع وعند كل الأطراف، وهيا اللي بيها مصر هتتغير وهيا اللي هنكمل بيها الطريق.
ريان هو طفل مغربي عمره خمس سنوات، سقط في بئر ضيقة في إحدى القرى بضواحي…
- توفي يوم الجمعة اللي فاتت الدكتور عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس الجمعية المصرية…
"الوطن هو تجربة اجتماعية مستمرَّة، وليس نَقشًا فرعونيًّا على حجر منذ آلاف السنين، تجربة اجتماعية…
- مليون مبروك لمنتخبنا الوطني اللي نجح في إقصاء الكاميرون بركلات الترجيح بعد مباراة عصيبة.…
- من أسبوع تقريبًا أصدر الرئيس السيسي قرار جمهوري رقم 13 لسنة 2022، القرار ده…
- مستمرين معاكم في حلقات تذكر وحكاية مشاهد كانت فارقة في تاريخ ثورة يناير عشان…