– صدر مؤخراً تقرير لجنة الإعلام في مجلس النواب المصري الجديد بيتهم وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، بالفشل في إدارة ملف الإعلام بالإضافة للتقصير وإهدار المال العام، ورفضت اللجنة بيان الوزير عن الإعلام.
– اللي حصل في اللجنة دي هو شيء استثنائي، لأن معظم وزراء الحكومة بما فيهم اللي اتعرضوا لهجوم أو انتقادات، محدش فكر يقدم ضدهم استجوابات أو يتهمهم بالتقصير، باستثناء وزير قطاع الأعمال العام اللي اتقدم ضده استجوابات بسبب الحديد والصلب، لكن باقي الوزراء محدش طلب التحقيق معاهم أو هاجمهم بالصورة اللي بتحصل مع أسامة هيكل.
– إيه سبب محاولات التحقيق والإدانة دي؟ وإشمعنى أسامة هيكل تحديداً؟ وهل دي محاسبة حقيقية ولا تصفية حسابات؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
*****
– مع بداية جلسات الحكومة الحالية في البرلمان الجديد، تعرض وزير الإعلام لهجوم حاد متعرضلوش أي وزير تاني، واستمرت الجلسة دي ساعات طويلة جداً وصلت لقرابة الـ 5 ساعات، كان خلالها نواب من حزب مستقبل وطن وتنسيقية شباب الأحزاب بيهاجموا الوزير، ما بين اتهامات بالتقصير واتهامات بإهدار المال أو الفساد أو زيادة ديون وسائل الإعلام الرسمية إلى جانب هجوم تاني بيطعن في ذمته المالية أو أخلاقياته، ودا يدي تصور عن مين بالظبط اللي في الخلف وبيهاجم الوزير.
– وهنا كمان ممكن تقرأوا قصة الصراع بين وزير الإعلام والإعلاميين، وأسئلة عن مين بيدير ملف الإعلام في مصر كتبنها في
بوست سابق – القصة انتهت بتراجع الوزير وقتها واحتوائه للإعلاميين بشكل مؤقت، لأن الموضوع كان وصل إن التلفزيون الحكومي بقى يذيع تسريبات وتسجيلات مكالمات بشكل غير قانوني لوزير في الحكومة.
– المرة دي في الخناقة المستمرة بعد نهاية بيان الحكومة المفروض بيتم عرض بيان كل وزير على اللجنة البرلمانية المختصة لدراسة بيان الوزارة وتجديد الثقة في الوزير وسياسته من عدمه، واللي حصل إنه تم رفض بيان الوزير من لجنة الإعلام.
– الموضوع موقفش عند الانتقاد لكن كمان في مطالبات بالتحقيق، تقرير لجنة الإعلام طلب من الوزير رد كل الأموال اللي تقاضاها من الدولة كوزير باعتبارها أموال غير قانونية، نتيجة الجمع بين منصبه كوزير دولة للإعلام وفي نفس الوقت رئاسته لمجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، على الرغم من إنه ده حاصل من بداية توليه منصب الوزير من حوالي سنة وشوية مش من 4 شهور بس، والمخالفة الدستورية والقانونية دي حقيقية فعلاً، في مخالفة المادة 166 من الدستور أو المادة 79 من قانون شركات المساهمة رقم 159 لسنة 1981، لكن المخالفات دي محدش اتكلم عليها في بداية تعيينه وحصل بس دلوقتي.
– اتهامات الفساد كمان تناولت زيادة الوزير لبدل جلسات مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي لـ 6 آلاف جنيه للعضو و 20 ألف للرئيس – أسامة هيكل -، بالإضافة لزيادة مرتب رئيس مجلس إدارة المدينة لـ 100 ألف جنيه شهرياً.
– كمان اتهامات الإهدار دي تناولت مشتريات الوزارة وأصولها اللي وصلت لحوالي 8.5 مليون جنيه شراء أصول وإجمالي مشتريات 12 مليون جنيه في خلال 6 شهور، وتورطه في شراء فندق “موفنبيك” بمبلغ 300 مليون جنيه، على الرغم من امتلاك شركة الإنتاج الإعلامي للفندق، وإسناده تطوير مدينة “ماجيك لاند” لإحدى الشركات بالأمر المباشر من دون إعلان، مما يعد مخالفة للقانون 182 لسنة 2018 بشأن تنظيم التعاقدات.
*****
كانت إيه ردود الوزير على الاتهامات اللي اتوجهتله؟
– للمفارقة إن وزير الإعلام تقريباً كان بيشتكي من تجاهل وسائل الإعلام نشر ردوده على اتهامات النواب أثناء الجلسة، ونشرت صفحته تنويه إنه وسائل الإعلام لم تتصل بيه أسبوع كامل لطلب توضيح أو حق الرد على اتهامات وانتقادات النواب، وبعدها بدأت تنشر فيديوهات رد الوزير على الاتهامات وبعدها بدأ الوزير ينشر توضيحات متتالية.
– الوزير حاول ينشر أكتر من مرة بيانات توضح نتيجة إدارته لمدينة الإنتاج الإعلامي وأصول وزارة الإعلام والأرباح اللي حققها، في مقابل ديون الهيئات الوطنية والمؤسسات القومية للإعلام، وإنه الوزير نجح في جعل مدينة الإنتاج تحقق أرباح 105 مليون جنيه سنوياً بعد سداد الديون بالكامل، بالإضافة إلى إن استمراره في رئاسة المدينة كان بقرار من رئيس الوزراء، لكن هو شخصياً فكر يقدم استقالته أكتر من مرة، وإنه استعادته لفندق موفنبيك اللي قيمته السوقية بتوصل لـ 900 مليون جنيه بسبب إنه إيراداته هتكبر لاحقاً بسبب قربه من المتحف المصري الجديد، وإنه الاستحواذ ده خلى الفندق يكسب 77 مليون جنيه بعد ما كان بيحقق 5 مليون جنيه أرباح بالعافية.
– وفي إطار محاولة هيكل للبقاء في منصبه قام بنشر خطاب رد بيقول فيه إنه إجمالي مديونية الهيئات والمؤسسات الصحفية 22 مليار جنيه أو يزيد وليس 14 مليار جنيه زي ما كان بيتقال من رؤساء الجهات دي، وقال إن الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا) أصبحت تعانى من ديون متراكمة بتزيد فوايدها لحد ما وصلت 40 مليار جنيه أو أكتر، واستعرض خطة وزارته وإنجازاتها.
– وده معناه إنه أسامة هيكل بيحط المؤسسات دي في مقارنة قدام الجهات الرقابية والناس، إنه هو قدر يحقق أرباح وينتشل مؤسسات من الخسائر في حين إنه المؤسسات القومية مديونياتها بتتراكم بلا أمل في وقف الديون دي.
– في تحليلات كتيرة مرتبطة بإنه النصائح والتوصيات الخاصة بعودة وزارة الإعلام كانت من كتير من القيادات القديمة في الدولة، وإنه لازم يتم إبعاد ضباط صغار محددين عن إدارة الملف الإعلام لعدم خبرتهم وكفاءتهم، والمنطق ده بيعكس كتير من بعض التصرفات والصراع بين الهيئات الإعلامية وبعضها.
– وأسامة هيكل نفسه بدأ الوزارة بطرد موظفي الهيئة الوطنية للإعلام والاستيلاء على مقرها، ولم يعترض وقتها أحد من الإعلاميين، ما عدا رئيس الهيئة الوطنية للإعلام وقتها “مكرم محمد أحمد” واللي لأول وآخر مرة طلع يتكلم عن التضييق على الحريات والصحافة.
*****
نشوف إيه في المشهد ده كله؟
– طبعاً المشهد من برة يبان شديد الديمقراطية وإن مجلس النواب بيقوم بمهماته الحقيقية في الرقابة على الحكومة، لكن طبعاً باين جداً من شكل الهجوم داخل البرلمان من النواب اللي دخلوا المجلس عن طريق قوايم الأجهزة الأمنية أو عن طريق التزوير في الدواير الفردية على الوزير ده لوحده دون سواه، إنه بيتهاجم كنوع من التأديب اللي بيقوم بيه نفس الظباط اللي بيديروا المشهد الإعلامي ومتدخلين في المشهد السياسي ضد وزير زي أسامة هيكل بيحاول يتحرك في مساحات نفوذهم.
– ودا مش تبرير لأي مخالفات مالية للوزير، لأن دا مفروض الجهات الرقابية تتحرك فوراً للتحقيق فيه، وياريت ميتمش تسوية ملف المخالفات ضمن تسوية بين الأجنحة المتصارعة، فنشوف فجأة كل وسائل الإعلام اللي اتكلمت عن مخالفات الوزير تسكت فجأة، لأن الأوامر جت بالسكوت، بدون ما نعرف إيه مصير المخالفات دي.
– النوع ده من الصراعات والخناقات لما بيبقى بالشكل دا للأسف الديمقراطية والقانون ملهاش مكان فيه، لأنه لو في ديمقراطية حقيقية وسيادة للقانون ورقابة من البرلمان على الحكومة كان هيتسأل من أول يوم ليه مبيتمش استقالة وزير الإعلام من رئاسة مدينة الإنتاج أو يتم تخييره بين منصب من الاتنين إعمالاً لنص القانون والدستور، وكذلك باقي المخالفات، لكن للأسف الموضوع اتساب لحد أول خلاف فتم اتهام الوزير بالفساد، ودا شكل من أشكال تصفية الحسابات، وللأسف ممكن مكناش نعرف شيء عن دا كله، لولا وجود صراع.
– كان المفروض البرلمان يناقش كمان ديون الهيئات الوطنية للصحافة والإعلام، وازاي ممكن يتم وقف النزيف ده، وليه الهيئات دي مبتحققش قراية ولا مبيعات رغم انه بيتصرف عليها كتير؟ وليه يستمر الإنفاق على الصحافة الورقية رغم خسايرها الكبيرة، على الرغم من إنه المستقبل كله بيتحول ناحية الصحافة الرقمية، لكن لأنها أسئلة حقيقية تمس اللي بيدير الإعلام فعلا في مصر فمحدش سألها ولا هيسألها.
– كان لازم يتم مساءلة الهيئات الوطنية للصحافة والاعلام عن دورها في ضبط الاستحواذات على ملكية القنوات الفضائية والصحف الخاصة، لأنه جزء من صميم مسؤولياتها، وكان في أجهزة رقابية لازم تعمل تحريات زي جهاز حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار، والجهاز المركزي للمحاسبات ومجلس النواب والرقابة الإدارية وباقي أجهزة الرقابة.
– لو في نية حقيقية للمحاسبة في ملف الإعلام وتطويره، فالأولى كمان يتناقش ليه بيتحبس الصحفيين ومين بيحبسهم ومين بيحجب المواقع الصحفية والإعلامية ويحرم الصحافة والتلفزيون من إنهم يقوموا بدور حقيقي يستعيد ثقة المواطن في مشاهدتهم ومتابعتهم بدل الهروب منهم، لكن للأسف مسمعناش أي صوت في المساحة دي.
– الأولى إن البرلمان يناقش فعلاً جميع الوزراء بنفس القوة والحماس والرغبة في حماية مصالح الشعب والمال العام، مش التصفيق والتهليل لوزراء عاملين كوارث في سوء الإدارة، لكن يبدو إن الموضوع مرتبط بالتوصيات والتعليمات الأمنية وتنفيذها، وده طبعا مرتبط بكيفية تشكيل البرلمان ده، ودا شيء بيفقد الخطوات دي معناها للأسف.
– نتمنى في يوم إنه يتم محاسبة كل المسؤولين بطريقة عادلة وحقيقية، وإنه يكون المرجعية في إدارة كل الملفات هو الالتزام بالقانون والدستور والتطوير الحقيقي في كافة الملفات عشان نوصل للحرية والعدالة والديمقراطية زي دول العالم المتقدم، وتنتهي السلطوية والديكتاتورية اللي ممكن تحول البرلمان والقانون والصحافة لمجرد أدوات في الصراع بين أصحاب النفوذ جوا الجهاز الإداري والأجهزة الأمنية.
– ذكرنا في بوست سابق عن كيفية إدارة البرلمان الجديد حالة صراع النفوذ والأجهزة اللي سيطر على جلسات الاستماع للوزراء، وكان النصيب الأكبر من الهجوم على وزير الإعلام.
تقدروا تقرأوا البوست من
هنا: