– الشهر اللي فات البرلمان وافق نهائيا على قانون الجمعيات الأهلية الجديد.
– نفس البرلمان كان وافق بأغلبية برضة على القانون القديم للجمعيات واللي بدأ تطبيقه في نوفمبر 2017، قبل ما يتعرض لانتقادات داخلية ودولية كثيرة، خلت الرئيس السيسي من حوالي 8 شهور في مؤتمر الشباب يوجه بتعديل القانون، فنفس اللي أصدروه رجعوا عدلوه!

– ايه المختلف في القانون الجديد عن القديم؟ وايه أهميته لأي مواطن عادي؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست.
*****

هل فيه تعديلات إيجابية عن القانون القديم؟
– القانون الجديد استبدل الإشراف الأمني المباشر على الجمعيات الأهلية بإشراف الموظفين، عن طريق أنه استحدث الوحدة المركزية للجمعيات، ووحدات فرعية تابعة ليها، وده بدل “الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات” في القانون القديم، واللي كان بيضم عضوية ممثلين من وزارة الدفاع والداخلية والمخابرات.
– حذف كل العقوبات السالبة للحرية واللي كانت موجودة في القانون القديم، واستبدالها بالغرامات اللي بقت من 100 ألف لمليون جنيه، لو الجمعية تلقت أموال من الخارج بدون تصريح من وزارة التضامن.

– رغم انه بالتأكيد فيه قدر من التحسن، لكن في الواقع التعديلات دي في الشكل مش الجوهر، لأن في النهاية سلطة الموظفين متفرقش كتير عن سلطة الأجهزة الأمنية، في ظل تدخل الأجهزة الأمنية اللي بتعين وتتحكم بالموظفين دول، فهي نفس النتيجة إنه الأمن هيدير الموضوع لكن بشكل مش معلن.
– الحاجة الثانية إنه فلسفة القانون هي عقابية يعني بتشوف إنه الجمعيات الأهلية سيئة ولازم نحجمها بأي شكل، صحيح القانون الجديد لغى عقوبة الحبس وده شيء إيجابي، لكنه مثلاً إدى الحق لوزير التضامن الحق في حل الجمعية. وادى برضة للوزير سلطة وقف نشاط الجمعية لمدة سنة لبعض المخالفات الإدارية، زي الانتقال لمقر جديد بدون إبلاغ الجهة الإدارية خلال 3 شهور، أو ممارسة أنشطة لم ترد في النظام الأساسي للجمعية.
*****

ايه السلبيات اللي موجودة في القانون ؟

– زي ما قلنا الفلسفة اللي اتعمل بيها القانون هي إنه السلطة شايفة إن منظمات المجتمع المدني شيء خطر سياسيا، ودورنا نراقب أصحابها في كل حركة ونعرقلهم ونعاقبهم لو عملو حاجة مش على هوانا، مش إنه حق منصوص عليه في الدستور والمواثيق الدولية اللي مصر وقعت عليها.
– بحسب بيان موقع من عشر منظمات حقوقية مصرية فالقانون ليه فيه الكثير من المشاكل والعراقيل، منها:

– حظر القانون على الجمعيات الأهلية إجراء استطلاعات للرأي والبحوث الميدانية، ونشر نتائجها إلا بعد موافقة جهاز التعبئة والإحصاء (مادة 16)، ومخالفة ده تخلي الجمعية تدفع غرامة تصل ل 500 ألف جنيه، ولو مقدرتش الجمعية تدفع الغرامة، هتتقفل واي فلوس في حسابها هتتصادر، وده ببساطة هو منع غير مباشر لنشاط مهم زي عمل بحوث ميدانية أو استطلاعات للرأي.
– استخدام مصطلحات فضفاضة زي حظر ممارسة أنشطة تخل بالنظام العام أو الآداب العامة والوحدة الوطنية والأمن القومي في المادة 16 واللي بتعرض الجمعية أنها تتحل أو تدفع غرامة، لمجرد أنه موظف شاف اللي بتعمله الجمعية ده بيخل بالحاجات الفضفاضة دي.
– منح الجهة الإدارية اللي هي الوزارة حق الاعتراض على قرارات الجمعية واستبعاد المرشحين لمجالس إدارتها بدون إبداء أسباب لده، ودون إتاحة حق الاعتراض أمام الجهات القضائية (مادة 35، 39).
كمان القانون بيقول في المادة 69 أنه لازم نشاط المنظمات الأجنبية يكون متفق مع “أولويات المجتمع المصري وبيدعم خطط التنمية”، ودي برضه مصطلحات تقديرية بتدي الحق للوزارة إنها أصلا تختار نوعية المنظمات ونشاطاتها، واللي بالتأكيد ملفات زي الديمقراطية وحقوق الإنسان أو العدالة الجنائية وغيرها من المواضيع المهمة مش هيتوافق على أي نشاط يخصها.
وكمان ده تقييد لفكرة إنه النشاط الأهلي من حقه الأصيل المبادرة والاستقلال، يعني الأنشطة اللي الجمعية ومؤسسيها مقتنعين بالعمل ليها وانها رسالتهم، مش بتشتغل عند الحكومة!

حتى الآن المادة دي على المنظمات الأجنبية، لكن القلق انه مادام اتمررت في القانون ممكن في اللائحة التنفيذية يتضاف بند شبيه على المنظمات المحلية.

– الفلسفة بتاعت القانون مبعدتش برضه عن تصور إنه المنظمات الأهلية والمجتمع المدني هما جواسيس أو خونة وعملاء، عندنا مثلاً المواد 20 و 21 اللي بيشترطو الحصول على ترخيص من الوزير نفسه عشان ياخدو تمويل من أي منظمة أجنبية حتى لو المنظمة الأجنبية دي واخدة تصريح بالعمل في مصر! طب إذا كانت المنظمة واخدة تصريح بالعمل في مصر ليه نرجع تاني للوزير مش أي حد مع كل خطوة تمويل مشروع أو برنامج؟

– كمان لازم المنظمات الأجنبية تاخد “موافقة مسبقة” بحسب المادة 66 و67، ومش واضح في القانون ده هيكون إجراءته ايه، متساب لسه للائحة التنفيذية.
– ممكن يتسحب ترخيص المؤسسة لأسباب فضفاضة زي “الاخلال بالنظام العام او الأمن القومي”.
– القانون كمان بيدي الحق للوزارة في الاطلاع على حسابات الجمعيات البنكية وبشترط على المنظمات الأجنبية اللي عايزة تشتغل في مصر توقيع على إقرار يسمح للوازرة بالإطلاع على حساباتها البنكية، بعد موافقة النائب العام، وبدون ما يكون في جريمة أو تحقيق يستحق الكشف ده، وده مخالفة صريحة لمبدأ سرية الحسابات البنكية المعمول بيه في العالم ومخالف كمان لقانون البنك المركزي المصري.
– القانون بيعاقب بغرامات مالية كبيرة على أمور كتير تافهة، فمش مفهوم ليه نقل مقر الجمعية بدون إخطار بيعتبر جريمة؟ إيه الضرر منه؟ وليه تبقى عقوبة مخالفة زي ده غرامة مالية من 200 – 500 ألف جنيه!

– القانون في المجمل فيه إحالات كتير للائحة التنفيذية في تنظيم كثير من الأمور، وده يعني أنه السلطة التنفيذية هتقدر تحط قيود أكتر تناسبها بدون ماتحتاج إنها تحطها في قانون ومناقشات جوة البرلمان.
*****

ليه قانون زي ده لازم نهتم بيه ؟

– القانون مش بس هيأثر على المنظمات المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان أو حرية التعبير، الجمعيات الأهلية أوسع من كده بكتير، وعندنا آلاف الجمعيات الأهلية اللي بتقدم خدمات بمجالات مختلفة سواء رعاية صحية أو مساعدة المرأة المعيلة أو خدمات تعليمية زي الجمعيات اللي بتمحو الأمية أو بتؤهل الشباب لسوق العمل وغيرها، في أرقام تقديرية إنه عندنا 30 ألف جمعية أهلية “نشطة” بتنفق حوالي 10 مليار جنيه في قطاعات خدمية، وبتخدم ملايين الفقراء.
– أغلب التبرعات والشراكات مع المؤسسات الدولية بتكون أصلا موجهة للقطاعات الخدمية دي ملهاش أي علاقة بأي مجال سياسي، وبرضه بتحتاج قدر من المرونة والسرعة في اجراءات عملها وإلا مصالح الناس تعطل وتتضرر.
– نسبة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في الناتج المحلي في الدول المتقدمة بتوصل ل 7 % سنويا زي في أمريكا وكندا وغيرهم من الدول الكبيرة اللي القطاع الأهلي فيها ليه دور مميز في التنمية، والرابط بين كل دول أنه مفيش عقبات قانونية أمام عمل الجمعيات الأهلية دي.
– السلطة وفي أثناء استهدافها الواضح للمؤسسات الحقوقية ممكن تدمر قطاع كبير زي ده، بيشغل ناس، وبيساعد في تقليل أثر الأزمة الاقتصادية على كثير من المصريين.

– ده غير إنه المفروض إنه الترصد والتضييق على المؤسسات الحقوقية أصلا مرفوض، مش بس لأن مصر موقعة بارادتها على التزامات دولية بالموضوع ده كجزء من اتفاقات بتديها فوايد اقتصادية وغيرها، لكن كمان لينا احنا داخليا مش معقول إنه كل المنظمات والأشخاص اللي دافعو عن قضايا زي الديمقراطية ومراقبة الانتخابات ومكافحة التعذيب أو مكافحة التحرش أو كشف انتهاكات حقوق الانسان، يفضل مصيرهم التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر من سنوات، كعقوبة للناس اللي منهم بياخدو جوائز وتكريم من دول ومؤسسات عالمية.
– الخوف من فضح انتهاكات حقوق الإنسان وتخويف الحقوقيين المصريين ممنعش من فضح الانتهاكات ده سواء على إيد منظمات أجنبية أو بشكل فردي من محاميين وأشخاص كتير مقتنعين إننا نستحق معاملة ووضع أفضل لكرامتنا وحقوقنا.
– مصر بلد كبيرة ومهمة وللأسف أداء السلطة الحالية اللي بيجرم عمل النقابات والأحزاب والمجتمع المدني والاعلام الحقيقي مش هيخلينا أبداً بلد متقدمة أو متطورة، بالعكس هو بيخلينا أقرب للدول المستبدة الفاشلة زي كوريا الشمالية.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *